كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

يصدون بِكَسْر الصَّاد أَي يضجون بِالْجِيم قَالَه مُجَاهِد قَوْله يصدعون بِالْإِدْغَامِ أَي يتفرقون وَمِنْه قَوْله فتصدعوا عَنْهَا أَي انكشفوا وَكَذَا فتصدع السَّحَاب وَأَصله الانشقاق عَن الشَّيْء وَمِنْه انصداع الْفجْر وَقَوله ذَات الصدع أَي تتصدع بالنبات قَوْله صدغيه الصدغ جَانب الرَّأْس مِمَّا يَلِي الْوَجْه قَوْله صدف أَي أعرض وَقَوله الصدفين أَي الجبلين قَوْله الْمُصدق بِالتَّخْفِيفِ هُوَ الَّذِي يتَوَلَّى الْعَمَل على الصَّدَقَة والمصدق بِالتَّشْدِيدِ الَّذِي يُعْطِيهَا وَقد يُخَفف أَيْضا وَالصديق بِالتَّشْدِيدِ مُبَالغَة من الصدْق وَالصديق بِالتَّخْفِيفِ وَفتح أَوله الصاحب المخلص الَّذِي صدقت مودته قَوْله أصدقاء خَدِيجَة جمع صديقَة وَهُوَ نَادِر كسفيهة وسفهاء وَالْمَشْهُور اخْتِصَاص هَذَا الْجمع بالمذكر قَوْله الصدمة الأولي أَي أول نزُول الْمُصِيبَة وأصل الصدمة الضَّرْبَة الصائبة قَوْله وَكَيف حَيَاة أصداء هُوَ جمع صدى كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَزْعمُونَ أَن الْمَيِّت إِذا بلَى خرج من هامته شبة الطَّائِر فيسمى الصدى فَيذْهب فَلَا يرى بعد قَوْله فتصدى لي رجل أَي تعرض لي وَأما قَوْله فِي عبس تصدى أَي تغافل كَذَا فِي الْأُصُول وَفِي بعض النّسخ تلهى تغافل فَلَعَلَّ تصدي تَغْيِير من تلهى أَو سقط تَفْسِير تصدى إِلَيّ تَفْسِير تلهى وَوصل مَا بَين الْكَلَامَيْنِ وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد تتصدى لأجل من اسْتغنى فتتغافل عَن الْأَعْمَى وَأَصله التصدد فأبدلت الدَّال يَاء فصل ص ر قَوْله فِي صَرِيح الحكم أَي خالصه وَمثله صَرِيح الْإِيمَان قَوْله صرخَ أَي رفع صَوته وَكَذَا اسْتهلّ صَارِخًا ولأصرخن بهَا واستصرخ قَوْله صَوت الصَّارِخ أَي الديك قَوْله الصرح يَعْنِي هُنَا كل بلاط أَتَّخِذ من الْقَوَارِير قَالَ والصرح جماعته صروح تكلم عَلَيْهِ فِي تَفْسِير النَّمْل قلت والصرح فِي اللُّغَة الْقصر وَالْبناء المشرف قَوْله صر بِكَسْر أَوله أَي برد شَدِيد وَقَوله صَرْصَر أَي شَدِيدَة قَوْله صرة بِالْفَتْح أَي صَيْحَة قَوْله صرة بِالضَّمِّ أَي خرقَة مربوطة قَوْله الْمُصراة قَالَ هِيَ الَّتِي صرى لَبنهَا وحقن وَجمع وأصل التصرية حبس المَاء وَقَالَ غَيره أَصله من صرى بِوَزْن زكى وَقَوله لَا تصروا بِوَزْن تزكوا من صرى إِذا جمع مثقل ومخفف وَأما بِحَذْف وَاو الْجمع وبضم لَام الْإِبِل فعلي مَا لم يسم فَاعله وَيخرج ذَلِك على تَفْسِير من فسره بالربط والشد من صر يصر وَهُوَ تَفْسِير الشَّافِعِي وَمِنْه نهى عَن التصرية وَهُوَ حبس اللَّبن فِي ضرع الشَّاة لتباع كَذَلِك يغر بهَا المُشْتَرِي وَاسْتشْهدَ الْخطابِيّ للشَّافِعِيّ بقول الشَّاعِر فَقُلْتُ لِقَوْمِي هَذِهِ صَدَقَاتكُمْ مُصَرَّرَةٌ أَخْلَافُهَا لَمْ تجرد قَوْله فصرهن أَي قطعهن قَوْله صرار بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيف مَوضِع قريب من الْمَدِينَة وَقيل بِئْر قديمَة على ثَلَاثَة أَمْيَال مِنْهَا من طَرِيق الْعرَاق قَوْله صِرَاط الْجَحِيم أَي وسط الْجَحِيم قَالَه بن عَبَّاس والصراط فِي الأَصْل الطَّرِيق وَمِنْه الصِّرَاط الْمُسْتَقيم والصراط الَّذِي ينصب على جَهَنَّم يجوز عَلَيْهِ النَّاس جَاءَ فِي صفته أَنه أحد من السَّيْف وأدق من الشّعْر قَوْله الصرعة بِضَم الصَّاد وَفتح الرَّاء وَهُوَ الَّذِي يصرع النَّاس بقوته وَقيل للَّذي يملك نَفسه عِنْد الْغَضَب صرعة لِأَنَّهُ قهر أقوى أعدائه نَفسه وشيطانه قَوْله بَين مصراعين المصراع الْبَاب وَلَا يُقَال مصراع إِلَّا إِذا كَانَ ذَا درفين قَوْله صرعى أَي وقوعا وَقَوله صرعت عَن دابتها أَي سَقَطت قَوْله لَا ينْصَرف أَي لَا يذهب وَلَا ينْصَرف من الصَّلَاة أَي لَا يخرج مِنْهَا قَوْله وصرفت الطّرق أَي قسمت الدَّار
مَيْمُونَةَ وَهِلَالُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ فَقَدْ يُظَنُّ ثَلَاثَةً وَهُوَ وَاحِدٌ وَهُوَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَشَيْخُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَوْسَاطِهِمْ قَوْلُهُ يُحَدِّثُ هُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَحُذِفَ مَفْعُولُهُ الثَّانِي لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ وَالْقَوْمُ الرِّجَالُ وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهِ النِّسَاءُ تَبَعًا قَوْلُهُ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ قَوْلُهُ فَمَضَى أَيِ اسْتَمَرَّ يُحَدِّثُهُ كَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْحَمَوِيِّ بِزِيَادَةِ هَاءٍ وَلَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ وَإِنْ ثَبَتَتْ فَالْمَعْنَى يُحَدِّثُ الْقَوْمَ الْحَدِيثَ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَلَيْسَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْأَعْرَابِيِّ قَوْلُهُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ إِنَّمَا حَصَلَ لَهُمُ التَّرَدُّدُ فِي ذَلِكَ لِمَا ظَهَرَ مِنْ عَدَمِ الْتِفَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُؤَالِهِ وَإِصْغَائِهِ نَحْوَهُ وَلِكَوْنِهِ كَانَ يَكْرَهُ السُّؤَالَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِهَا وَقَدْ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْحِصَارِ تَرْكِ الْجَوَابِ فِي الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَلِ احْتَمَلَ كَمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ لِيُكْمِلَ الْحَدِيثَ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ أَخَّرَ جَوَابَهُ لِيُوحِيَ إِلَيْهِ بِهِ قَوْلُهُ قَالَ أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ بِالرَّفْعِ عَلَى الْحِكَايَةِ وَأُرَاهُ بِالضَّمِّ أَيْ أَظُنُّهُ وَالشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَغَيْرُهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ وَلَفْظُهُ أَيْنَ السَّائِلُ وَلَمْ يَشُكَّ قَوْلُهُ إِذَا وُسِّدَ أَيْ أُسْنِدَ وَأَصْلُهُ مِنَ الْوِسَادَةِ وَكَانَ مِنْ شَأْنِ الْأَمِيرِ عِنْدَهُمْ إِذَا جَلَسَ أَنْ تُثْنَى تَحْتَهُ وِسَادَةٌ فَقَوْلُهُ وُسِّدَ أَيْ جُعِلَ لَهُ غَيْرُ أَهْلِهِ وِسَادًا فَتَكُونُ إِلَى بِمَعْنَى اللَّامِ وَأَتَى بِهَا لِيَدُلَّ عَلَى تَضْمِينِ مَعْنَى أُسْنِدَ وَلَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِي الرِّقَاقِ إِذَا أُسْنِدَ وَكَذَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ عَنْ فُلَيْحٍ وَمُنَاسَبَةُ هَذَا الْمَتْنِ لِكِتَابِ الْعِلْمِ أَنَّ إِسْنَادَ الْأَمْرِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ غَلَبَةِ الْجَهْلِ وَرَفْعِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْرَاطِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْعِلْمَ مَا دَامَ قَائِمًا فَفِي الْأَمْرِ فُسْحَةٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْعِلْمَ إِنَّمَا يُؤْخَذُ عَنِ الْأَكَابِرِ تَلْمِيحًا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الْأَصَاغِرِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعِلْمِ)
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانَ زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ عَنْهُ عَارُمُ بْنُ الْفَضْلِ وَعَارِمٌ لَقَبٌ وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ قَوْلُهُ مَاهَكُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ وَرَوَاهُ الْأَصِيلِيُّ مُنْصَرِفًا فَكَأَنَّهُ لَحَظَ فِيهِ الْوَصْفَ وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى جَوَازِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْعِلْمِ بِقَوْلِهِ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ حَيْثُ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ لِبُعْدٍ أَوْ كَثْرَةِ جَمْعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا إِذَا كَانَ فِي مَوْعِظَةٍ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ وَذَكَرَ السَّاعَةَ اشْتَدَّ غَضَبُهُ وَعَلَا صَوْتُهُ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ فِي مَعْنَاهُ وَزَادَ حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلًا بِالسُّوقِ لَسَمِعَهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ إِعَادَةِ الْحَدِيثِ لِيُفْهَمَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَبَاحِثِ الْمَتْنِ فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ بن رَشِيدٍ فِي هَذَا التَّبْوِيبِ رَمْزٌ مِنَ الْمُصَنِّفِ إِلَى أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَبْلُغَ الْغَايَةَ فِي تدوين

الصفحة 143