كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

فبينت طرقها قَوْله صرف وَلَا عدل قيل الصّرْف التَّوْبَة وَالْعدْل الْفِدْيَة وَقيل الصّرْف النَّافِلَة وَالْعدْل الْفَرِيضَة نقل ذَلِك عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَعَن الْجُمْهُور عَكسه وَقيل الصّرْف الْحِيلَة وَالْعدْل الدِّيَة أَو الْفِدْيَة وَقيل الْعدْل التَّصَرُّف فِي الْفِعْل وفيهَا أَقْوَال أُخْرَى منتشرة قَوْله صريف الأقلام أَي صريرها على اللَّوْح قَوْله منصرف الروحاء هُوَ مَوضِع مَعْرُوف تقدم فِي الرَّاء قَوْله فهدى الله ذَلِك الصرم بِالْكَسْرِ أَي الْقطعَة من النَّاس قَوْله كالصريم فعيل من الصرم وَهُوَ الْقطع وَهُوَ بمعني مصروم وَهُوَ كل رَملَة انصرمت من مُعظم الرمل قَوْله صرام النّخل أَي قطعه والصريمة من الْإِبِل وَغَيرهَا الْقطعَة القليلة وَمِنْه قَوْله رب الصريمة بِالتَّصْغِيرِ قَوْله من يصريني مِنْك أَي من يقطعني والصرى الْقطع قَالَ الْحَرْبِيّ إِنَّمَا هُوَ مَا يصريك عني أَي يقطعك عَن مَسْأَلَتي يَعْنِي فَجرى على الْقلب فصل ص ع قَوْله جملا صعبا أَي لم يذلل للرُّكُوب قَوْله فِي صَعِيد أَي أَرض والصعيد وَجه الأَرْض الَّتِي لَا ثبات فِيهَا وَالْجمع صعد بِضَمَّتَيْنِ وَيُطلق على التُّرَاب أَيْضا وَقَوله الصعدات بِالضَّمِّ هِيَ الطّرق مَأْخُوذَة من الصَّعِيد وَقَوله صعد أَي علا وأصعد مثله يُقَال أصعد فِي الأَرْض أَي ذهب مبتدئا لَا رَاجعا وَفِي الرُّجُوع انحدر وَمِنْه إِذْ تصعدون قَوْله فسما بَصرِي صعدا بِضَمَّتَيْنِ للْأَكْثَر بِالْقصرِ منون وللأصيلي بِالْمدِّ من غير تَنْوِين مَعْنَاهُ ارْتَفع طالعا وَأما تنفس الصعداء فَهُوَ بِفَتْح الْعين وَالْمدّ أَي علا نَفسه صاعدا قَوْله صعد النّظر بتَشْديد الْعين أَي نظر إِلَى أَعلَى بتدريج وَصوب عَكسه قَوْله وَلَا تصعر التصعر الْإِعْرَاض بِالْوَجْهِ وَأما قَول كَعْب وَأَنا إِلَيْهَا أصعر فَمَعْنَاه أميل وَجَاء بالغين الْمُعْجَمَة فصل ص غ قَوْله صاغيتي أَي خاصتي يُقَال صغوك إِلَيّ فلَان أَي ميلك وَمِنْه يصغى إِلَى رَأسه أَي يميله قَوْله صاغرون يَعْنِي أذلاء فصل ص ف قَوْله على صفاحهما أَي جانبيهما وَمِنْه على صفحتهما قَوْله غير مصفح بِفَتْح الْفَاء وبكسرها أَي غير ضَارب بعرضه بل بحده فَمن فتح جعله وَصفا للسيف وَمن كسر جعله وَصفا للضارب وصفحا السَّيْف وجهاه وغراره حداه والصفيحة من السيوف العريضة وصفحة الْعُنُق جَانِبه قَوْله صفدت الشَّيَاطِين أَي أوثقت بأغلال الْحَدِيد قَوْله فِي الأصفاد أَي فِي الوثاق قَوْله لَا صفر قيل المُرَاد الشَّهْر وَكَانَت الْجَاهِلِيَّة تغير حِكْمَة واسْمه فِي النسيء وَقيل بل كَانُوا يزِيدُونَ فِي كل أَربع سِنِين شهرا يسمونه صفرا الثَّانِي فَتكون السّنة الرَّابِعَة ثَلَاثَة عشر شهرا لتستقيم لَهُم الْأَزْمَان من جِهَة الشتَاء والصيف وَقيل المُرَاد دَوَاب فِي الْبَطن كالحيات تصيب الْإِنْسَان إِذا جَاع وَكَانُوا يَقُولُونَ إِنَّهَا تعدِي فَأبْطل الشَّارِع الْعَدْوى قَوْله ملك بني الْأَصْفَر هم الرّوم سموا بذلك باسم جدهم الْأَصْفَر بن الرّوم بن عيص بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم قَالَه الْحَرْبِيّ قيل لِأَن الْحَبَشَة غلبت عَلَيْهِم فَولدت نِسَاؤُهُم مِنْهُم أَوْلَادًا صفرا فنسبوا إِلَيْهِم حَكَاهُ بن الْأَنْبَارِي قَوْله صفر ردائها أَي خاليته والصفر بِالْكَسْرِ الشَّيْء الفارغ يُرِيد أَنَّهَا ضامرة الْبَطن لِأَن الرِّدَاء يَنْتَهِي إِلَى الْبَطن وَقيل المُرَاد أَنَّهَا خَفِيفَة الْأَعْلَى ثَقيلَة الْأَسْفَل أَي امتلاء منكبيها وردفيها وَقيام نهديها يدفعان الرِّدَاء عَن مس بَطنهَا قَوْله الصَّفْرَاء والبيضاء أَي الذَّهَب وَالْفِضَّة قَوْله دعت بِشَيْء من صفرَة بِالضَّمِّ أَي خلوق قَوْله من صفر بِالضَّمِّ أَي نُحَاس قَوْله الصَّفْرَاء مَوضِع
هَذَا الْكِتَابِ بِأَنْ يَسْتَفْرِغَ وُسْعَهُ فِي حُسْنِ ترتيبه وَكَذَلِكَ فعل رَحمَه الله تَعَالَى

(قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِ الْمُحَدِّثِ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا)
قَالَ بن رَشِيدٍ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّهُ بَنَى كِتَابَهُ عَلَى الْمُسْنَدَاتِ الْمَرْوِيَّاتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ وَمُرَادُهُ هَلْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَمْ لَا وَإِيرَادُهُ قَوْلَ بن عُيَيْنَةَ دُونَ غَيْرِهِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ مُخْتَارُهُ قَوْلُهُ وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيِّ وَقَالَ لَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَهُوَ مُتَّصِلٌ وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ كَرِيمَةَ قَوْلُهُ وَأَنْبَأَنَا وَمِنْ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ قَوْلُهُ أَخْبَرَنَا وَثَبَتَ الْجَمِيعُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ قَوْله وَقَالَ بن مَسْعُودٍ هَذَا التَّعْلِيقُ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ فِي خَلْقِ الْجَنِينِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ وَقَالَ شَقِيقٌ هُوَ أَبُو وَائِل عَن عبد الله هُوَ بن مَسْعُودٍ سَيَأْتِي مَوْصُولًا أَيْضًا حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَيَأْتِي أَيْضًا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ وَمُرَادُهُ مِنْ هَذِهِ التَّعَالِيقِ أَنَّ الصَّحَابِيَّ قَالَ تَارَةً حَدَّثَنَا وَتَارَةً سَمِعْتُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الصِّيَغِ وَأما أَحَادِيث بن عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي رِوَايَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبِّهِ فَقَدْ وَصَلَهَا فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ وَأَرَادَ بِذِكْرِهَا هُنَا التَّنْبِيهَ عَلَى الْعَنْعَنَةِ وَأَنَّ حُكْمَهَا الْوَصْلُ عِنْدَ ثُبُوت اللقى وَأَشَارَ على مَا ذكره بن رَشِيدٍ إِلَى أَنَّ رِوَايَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هِيَ عَنْ رَبِّهِ سَوَاءٌ صَرَّحَ الصَّحَابِيُّ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَيَدُلُّ لَهُ حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ عَنْ رَبِّهِ وَلَكِنَّهُ اخْتِصَارٌ فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّقْدِيرِ قُلْتُ وَيُسْتَفَادُ مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ مَا كَانَ ذَلِكَ سَبِيلَهُ صِحَّةُ الِاحْتِجَاجِ بِمَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ لِأَنَّ الْوَاسِطَةَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ رَبِّهِ فِيمَا لَمْ يُكَلِّمْهُ بِهِ مِثْلُ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ جِبْرِيلٌ وَهُوَ مَقْبُولٌ قَطْعًا وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَ الصَّحَابِيِّ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْبُولٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ صَحَابِيٌّ آخَرُ وَهَذَا فِي أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ دُونَ غَيْرِهَا فَإِنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ رُبَّمَا حَمَلَهَا عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ مِثْلَ كَعْبِ الْأَحْبَارِ تَنْبِيهٌ أَبُو الْعَالِيَةِ الْمَذْكُورُ هُنَا هُوَ الرِّيَاحِيُّ بِالْيَاءِ الْأَخِيرَةِ وَاسْمُهُ رفيع بِضَم الرَّاء وَمن زَعَمَ أَنَّهُ الْبَرَّاءُ بِالرَّاءِ الثَّقِيلَةِ فَقَدْ وَهَمَ فَإِنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مَعْرُوفٌ بِرِوَايَةِ الرِّيَاحِيِّ دُونَهُ فَإِنْ قِيلَ فَمِنْ أَيْنَ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ حَدِيثِ بن عُمَرَ لِلتَّرْجَمَةِ وَمُحَصَّلُ التَّرْجَمَةِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ صِيَغِ الْأَدَاءِ الصَّرِيحَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِظَاهِرٍ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنِ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ إِذَا اجْتَمَعَتْ طُرُقُهُ فَإِنَّ لَفْظَ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ فَحَدَّثُونِي مَا هِيَ وَفِي رِوَايَةِ نَافِعٍ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّفْسِيرِ اخبروني وَفِي رِوَايَة عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ انبئوني وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْحَيَاءِ فِي الْعِلْمِ حَدَّثُونِي مَا هِيَ وَقَالَ فِيهَا فَقَالُوا أَخْبَرَنَا بِهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّحْدِيثَ وَالْإِخْبَارَ وَالْإِنْبَاءَ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ

الصفحة 144