كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)
(
حرف الْفَاء)
(
فصل ف ا)
قَوْله فأفاء هُوَ الَّذِي يغلب على لِسَانه الْفَاء وترديدها من حبسة فِيهِ قَوْله يرجف فُؤَاده قيل الْفُؤَاد الْقلب وَقيل غير الْقلب وَقيل غشاؤه وَجمع الْفُؤَاد أَفْئِدَة قَوْله الْفَأْرَة مَعْرُوفَة بهمز وَقد تسهل قَوْله فَأخذ فأسا وَقَوله بفوسهم هِيَ الْقدوم برأسين قَوْله ويعجبني الفال مَهْمُوز وَقد لَا يهمز قَالَ أهل الْمعَانِي الفال فِيمَا يحسن وَفِيمَا يسوء والطيرة فِيمَا يسوء فَقَط وَقَالَ بَعضهم الفال فِيمَا يحسن فَقَط والفال مَا وَقع من غير قصد بِخِلَاف الطَّيرَة قَوْله فِئَام بِكَسْر أَوله وَحكى فَتحه وبالهمز وَقد يسهل اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ فصل ف ت قَوْله تفتأ تذكر أَي لَا تزَال قَوْله فتت أَي بست قَوْله يستفتحون أَي يستنصرون وَمِنْه أفتح هُوَ وَقَوله الفتاح أَي القَاضِي وَمِنْه افْتَحْ بَيْننَا أَي اقْضِ قَوْله فتخها قَالَ عبد الرَّزَّاق الفتخ الْخَوَاتِم الْعِظَام وَقيل هِيَ خَوَاتِم تلبس فِي الرجل وَقَالَ الْأَصْمَعِي لَا فصوص لَهَا وَاحِدهَا فتخة كقصب وقصبة قَوْله فاذا فترت تعلّقت بِهِ أَي كسلت وَمِنْه يقوم فَلَا يفتر وَقَوله فتر الْوَحْي أَي سكن وَتَأَخر نُزُوله وزمان الفترة هُوَ مَا بَين الرسولين من الْمدَّة الَّتِي لَا وَحي فِيهَا قَوْله لَا يَنْفَتِل أَي لَا يلْتَفت وَمِنْه ثمَّ انتفل وَقَوله فَأخذ بأذني يفتلها أَي يمعكها قَوْله تفتنون فِي قبوركم أصل الْفِتْنَة الاختبار والامتحان ثمَّ اسْتعْمل فِيمَا أخرجه الاختبار للمكروه وَمِنْه وَظن دَاوُد إِنَّمَا فتناه وفتنة كَذَا وأفتنه وَالْأول أشهر وَجَاءَت بِمَعْنى الْكفْر وبمعني الضَّلَالَة وَبِمَعْنى الْإِثْم وبمعني الْعَذَاب وَبِمَعْنى ذهَاب الْعقل وَبِمَعْنى الِاعْتِذَار فمما ورد بِمَعْنى الاختبار قَوْله الْفِتْنَة الَّتِي تموج والفتن وتفتنون فِي قبوركم وَبِمَعْنى الْكفْر قَوْله والفتنة أكبر من الْقَتْل وَبِمَعْنى الضلال مَا أَنْتُم عَلَيْهِ بفاتنين قَالَ مُجَاهِد بضالين وَبِمَعْنى الْإِثْم قَوْله أَلا فِي الْفِتْنَة سقطوا وَبِمَعْنى الْعَذَاب قَوْله فتْنَة النَّار ذوقوا فتنتكم وَنَحْوه وَبِمَعْنى ذهَاب الْعقل كدنا أَن نفتتن فِي صَلَاتنَا وبمعني الِاعْتِذَار ثمَّ لم تكن فتنتهم قَالَ بن عَبَّاس معذرتهم وَبِمَعْنى التوبيخ قَوْله ائْذَنْ لي وَلَا تفتني قَالَ أَي لَا توبخني وَقَالَ غَيره لَا تضلني ووردت بِمَعْنى الالتهاء بالشَّيْء عَن أولى مِنْهُ وَمِنْه إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة وَبِمَعْنى الدّلَالَة على الشَّيْء وَمِنْه وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك قَوْله فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات جمع فتاة وَالْمرَاد الْإِمَاء قَوْله فتيا أَصله السُّؤَال ثمَّ سمي الْجَواب بِهِ فصل ف ج قَوْله لم يفجأهم وَقَوله نظر الفجاء هُوَ بِضَم الْفَاء مَمْدُود ولبعضهم بِفَتْح الْفَاء ثمَّ سُكُون وَهُوَ بِمَعْنى البغتة يُقَال فجأني الْأَمر أَي أَتَانِي بَغْتَة وَمِنْه فَجْأَة الْحق قَوْله سالكا فجا أَي طَرِيقا وَاسِعًا قَالَ فِي قَوْله سبلا فجاجا أَي طرقا وَاسِعَة قَوْله فَإِذا وجد فجوة أَي طَرِيقا متسعا وَالْجمع فجوات قَوْله فجرت أَي فاضت وَمِنْه تفجر دَمًا والفجور إكثار الْمعْصِيَة شبه بانفجار المَاء وَيُطلق على الْكَذِب فصل ف ح قَوْله أفحج أَي بعيد مَا بَين الفخدين قَوْله لم يكن فَاحِشا أَي بذيا وَهُوَ الَّذِي يتَكَلَّم يقبح وَيُطلق على الْبَاطِل أَيْضا والمتفحش الَّذِي يكثر من ذَلِك ويتكلفه وَقيل الْفُحْش عدوان الْجَواب والفاحشة
وَفَقَهَ بِالْفَتْحِ إِذَا سَبَقَ غَيْرَهُ إِلَى الْفَهْمِ وَفَقِهَ بِالْكَسْرِ إِذَا فَهِمَ وَنَكَّرَ خَيْرًا لِيَشْمَلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَالتَّنْكِيرُ لِلتَّعْظِيمِ لِأَنَّ الْمَقَامَ يَقْتَضِيهِ وَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي الدِّينِ أَيْ يَتَعَلَّمْ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنَ الْفُرُوعِ فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَمَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي الدِّينِ لَمْ يُبَالِ اللَّهُ بِهِ وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أُمُورَ دِينِهِ لَا يَكُونُ فَقِيهًا وَلَا طَالِبَ فِقْهٍ فَيَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ مَا أُرِيدَ بِهِ الْخَيْرُ وَفِي ذَلِكَ بَيَانٌ ظَاهِرٌ لِفَضْلِ الْعُلَمَاءِ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ وَلِفَضْلِ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ عَلَى سَائِرِ الْعُلُومِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثَيْنِ الْآخَرَيْنِ فِي مَوْضِعِهِمَا مِنَ الْخُمُسِ وَالِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُهُ لَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ يَعْنِي بَعْضَ الْأُمَّةِ كَمَا يَجِيءُ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
(قَوْلُهُ بَابُ الْفَهْمِ)
أَيْ فَضْلُ الْفَهْمِ فِي الْعِلْمِ أَيْ فِي الْعُلُومِ
[72] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ فِي رِوَايَة أبي ذَر بن عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمَدِينِيِّ قَوْلُهُ حَدثنَا سُفْيَان قَالَ قَالَ لي بن أَبِي نَجِيحٍ فِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ حَدثنِي بن أبي نجيح قَوْله صَحِبت بن عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِيهِ مَا كَانَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ مِنْ تَوَقِّي الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ خشيَة الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَهَذِه كَانَت طَريقَة بن عُمَرَ وَوَالِدِهِ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ وَإِنَّمَا كَثُرَتْ أَحَادِيثُ بن عُمَرَ مَعَ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَنْ كَانَ يَسْأَلُهُ وَيَسْتَفْتِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَتْنِ حَدِيثِ الْبَابِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْعِلْمِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ أَن بن عُمَرَ لَمَّا ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ عِنْدَ إِحْضَارِ الْجُمَّارِ إِلَيْهِ فَهِمَ أَن المسؤول عَنْهُ النَّخْلَةُ فَالْفَهْمُ فِطْنَةٌ يَفْهَمُ بِهَا صَاحِبُهَا مِنَ الْكَلَامِ مَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْآتِي فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ حَيْثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا فَتَعَجَّبَ النَّاسُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ فَهِمَ مِنَ الْمَقَامِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرٌ فَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ وَالله الْهَادِي إِلَى الصَّوَاب
الصفحة 165
500