كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)
(
حرف النُّون)
(
فصل ن أ)
قَوْله نأى بِي الشّجر أَي بعد بِي طلب المرعى والنأي الْبعد نأى ينأى مثل سعى يسْعَى وَيُقَال مقلوبا ناء يناء مثل حَار يحار وناء ينوء بِوَزْن دَار يَدُور وَمِنْه ناء بصدره أَي تبَاعد وَأما قَوْله ثمَّ ذهب ينوء فَمَعْنَاه يقوم قَوْله وهم ينهون عَنهُ وينأون عَنهُ أَي يتباعدون قَالَه بن عَبَّاس قَالَ البُخَارِيّ ناء تبَاعد قَوْله مَا أرَاهُ إِلَّا نيئه أَي غير نضيج ويروي إِلَّا نَتنه بِالْمُثَنَّاةِ بعْدهَا نون أَي رَائِحَته الكريهة فصل ن ب قَوْله النبأ أَي الْخَبَر وَقَالَ البُخَارِيّ النبأ الْعَظِيم الْقُرْآن والنبيء بِالْهَمْزَةِ الْمخبر عَن الله وَقيل بِمَعْنى مفعول أَي أخبرهُ الله بأَمْره وَقيل اشتق من النبأ وَهُوَ مَا ارْتَفع من الأَرْض لرفعه مَنَازِلهمْ وَقيل النبأ الطَّرِيق سمي بذلك لِأَنَّهُ الطَّرِيق إِلَى الله تَعَالَى ولغة قُرَيْش ترك الْهَمْز إِمَّا تسهيلا وَإِمَّا مشتقا من النُّبُوَّة وَهُوَ الِارْتفَاع قَوْله نهى عَن الْمُنَابذَة هُوَ من الْبيُوع الْمنْهِي عَنْهَا وَهِي الْمُبَايعَة لشيئين ينبذه كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه يجب بذلك بيعهمَا وَقيل فِي تَفْسِيره غير ذَلِك كجعل النبذ قطعا للخيار قَوْله خذي نبذة من قسط أَي قِطْعَة والنبذ الرَّمْي والطرح وَمِنْه فنبذ النَّاس خواتيمهم قَوْله قبر منبوذ أَي متباعد مُنْفَرد ويروى بِالْإِضَافَة أَي لَقِيط وَهُوَ من طرح صَغِيرا لأوّل مَا يُولد وَيُقَال لَهُ لَقِيط إِذا أَخذ ومنبوذ مَا دَامَ مطروحا وَقد يُطلق عَلَيْهِ منبوذ بعد الْأَخْذ مجَازًا وَمِنْه فِي حَدِيث عمر أَتَى فِي منبوذ وَقَوله فانتبذت بِهِ أَي قعدت نَاحيَة وَقَوله فنبذناه أَي ألقيناه وَقَوله انتبذت من أَهلهَا أَي اعتزلت وَقَوله فانبذ إِلَيْهِم على سَوَاء أَي اكشف لَهُم الْأَمر فِي نقض مَا بَيْنك وَبينهمْ وَمِنْه فنبذ أَبُو بكر فِي ذَلِك الْعَام إِلَى النَّاس أَي نقض الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَينهم والنبذ يَقع بالْقَوْل وَالْفِعْل فِي الْأَجْسَام والمعاني قَوْله النَّبِيذ تكَرر فِي الحَدِيث وَهُوَ مَا يعْمل من الْأَشْرِبَة من التَّمْر وَغَيره والنباذ هُوَ طرح التَّمْر أَو الزَّبِيب فِي المَاء قَوْله وَلَا تنابزوا النبز بِالتَّحْرِيكِ اللقب فنهوا عَن التداعي بِالْأَلْقَابِ قَوْله أَن رجلا نباشا أَي كَانَ ينبش الْقُبُور قَوْله النبط والنبيط والأنباط هم نَصَارَى الشَّام الَّذين عمروها وَأهل سَواد الْعرَاق سموا بذلك لاستنباطهم المَاء واستخراجه وَقيل هم جيل من النَّاس وَتقدم أَيْضا فِي الْهمزَة قَوْله يَنْبع من النبع وَهُوَ خُرُوج المَاء من الأَرْض قَوْله وَإِذا نبقها أَي ثَمَرَتهَا والنبق ثَمَر السدر وأحدها نبقة بِالْفَتْح وبالكسر أَيْضا ويسكن قَوْله النبل هِيَ السِّهَام الْعَرَبيَّة لَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ سهم قَوْله نبا بِالْقصرِ أَي بعد فصل ن ت قَوْله كَمَا تنْتج الْبَهِيمَة أَي تَلد قَوْله وَإِذ نتقنا الْجَبَل فَوْقهم أَي رفعنَا قَوْله مُنْتِنَة أَي كلمة قبيحة قَوْله هَؤُلَاءِ النتنى أَرَادَ الْجِيَف المنتنة قَوْله ناتىء الجبين أَي بارزه من النتوء فصل ن ث قَوْله الاستنثار واستنثر استفعل مِنْهُ أَي استنشق المَاء ثمَّ أستخرج مَا فِي نفه فنثره وَقيل من النثرة وَهِي طرف الْأنف قَوْله لَا تنث حديثنا بالنُّون وبالموحدة وهما بِمَعْنى قَوْله تثل لي كِنَانَته أَي صبها واستخرج مَا فِيهَا وَمِنْه وَأَنْتُم تنتثلونها أَي تستخرجون مَا فِيهَا وَمِنْه فينتثل طَعَامه فصل ن ج قَوْله لَا منجا من النَّجَاء وَهُوَ السَّلامَة قَوْله طَوِيل النجاد أَي حمالَة السَّيْف وَهُوَ
فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ عَهْدِهِ وَبَعْدِهِ فَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا أَظْهَرُ وَالْمُرَادُ بِنِسْبَتِهِمْ إِلَى غَيْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا قَوَّى بِهِ الْكِرْمَانِيُّ دَعْوَاهُ بِكَوْنِ السِّيَاقِ مُخْتَلِفًا حَيْثُ قِيلَ فِي مُؤْمِنِ أَهْلِ الْكِتَابِ رَجُلٌ بِالتَّنْكِيرِ وَفِي الْعَبْدِ بِالتَّعْرِيفِ وَحَيْثُ زِيدَتْ فِيهِ إِذَا الدَّالَّةُ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ فَأَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَجْرَيْنِ لِمُؤْمِنِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَقَعُ فِي الِاسْتِقْبَالِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ انْتَهَى وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ مَشَى فِيهِ مَعَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَلَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الرُّوَاةِ بَلْ هُوَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مُخْتَلِفٌ فَقَدْ عَبَّرَ فِي تَرْجَمَةِ عِيسَى بِإِذَا فِي الثَّلَاثَةِ وَعَبَّرَ فِي النِّكَاحِ بِقَوْلِهِ أَيُّمَا رَجُلٍ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي التَّعْمِيمِ وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ بِالتَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ فَلَا أَثَرَ لَهُ هُنَا لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِلَامِ الْجِنْسِ مُؤَدَّاهُ مُؤَدَّى النَّكِرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الرَّابِعَةُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ الْكِتَابِيَّةِ حُكْمُ الرَّجُلِ كَمَا هُوَ مُطَّرِدٌ فِي جُلِّ الْأَحْكَامِ حَيْثُ يَدْخُلْنَ مَعَ الرِّجَالِ بِالتَّبَعِيَّةِ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَسَتَأْتِي مَبَاحِثُ الْعَبْدِ فِي الْعِتْقِ وَمَبَاحِثُ الْأَمَةِ فِي النِّكَاحِ قَوْلُهُ فَلَهُ أَجْرَانِ هُوَ تَكْرِيرٌ لِطُولِ الْكَلَامِ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ عَامِرٌ أَيِ الشَّعْبِيُّ أَعْطَيْنَاكَهَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ خَاطَبَ بِذَلِكَ صَالِحًا الرَّاوِي عَنْهُ وَلِهَذَا جَزَمَ الْكِرْمَانِيُّ بِقَوْلِهِ الْخِطَابُ لِصَالِحٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إِنَّمَا خَاطَبَ بِذَلِكَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ سَأَلَهُ عَمَّنْ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا كَمَا سَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَيْ مِنَ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَإِلَّا فَالْأَجْرُ الْأُخْرَوِيُّ حَاصِلٌ لَهُ قَوْلُهُ يُرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا أَيْ يُرْحَلُ لِأَجْلِ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْهَا كَمَا عِنْدَهُ فِي الْجِهَادِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَيِ النَّبَوِيَّةِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ثُمَّ تَفَرَّقَ الصَّحَابَةُ فِي الْبِلَادِ بَعْدَ فُتُوحِ الْأَمْصَارِ وَسَكَنُوهَا فَاكْتَفَى أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ بِعُلَمَائِهِ إِلَّا مَنْ طَلَبَ التَّوَسُّعَ فِي الْعِلْمِ فَرَحَلَ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ وَلِهَذَا عَبَّرَ الشَّعْبِيُّ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ بِقَوْلِهِ كَانَ واستدلال بن بَطَّالٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى تَخْصِيصِ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ فِيهِ نظر لما قَرَّرْنَاهُ وَإِنَّمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ ذَلِكَ تَحْرِيضًا لِلسَّامِعِ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَدْعَى لِحِفْظِهِ وَأَجْلَبَ لِحِرْصِهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانِ وَقَدْ رَوَى الدَّارِمِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ إِنْ كُنْتُ لَأَرْكَبُ إِلَى الْمِصْرِ مِنَ الْأَمْصَارِ فِي الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ قَالَ كُنَّا نَسْمَعُ الْحَدِيثَ عَنِ الصَّحَابَةِ فَلَا نرضى حَتَّى نركب إِلَيْهِم فنسمعه مِنْهُم
(قَوْلُهُ بَابُ عِظَةِ الْإِمَامِ النِّسَاءَ)
نَبَّهَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَلَى أَنَّ مَا سَبَقَ مِنَ النَّدْبِ إِلَى تَعْلِيمِ الْأَهْلَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِأَهْلِهِنَّ بَلْ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمَنْ يَنُوبُ عَنْهُ وَاسْتُفِيدَ الْوَعْظُ بِالتَّصْرِيحِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فوعظهن
الصفحة 192
500