كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

ومستند الْمزي فِيهِ أَن الحَدِيث وجد فِي مُسْند جَابر بن سَمُرَة من مُسْند إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه بِهَذَا السِّيَاق وَأما الْموضع الثَّانِي فَقَالَ الجياني فِيهِ كَمَا قَالَ فِي الأول وَنسبه الْمزي فِي الْأَطْرَاف أَيْضا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَيُؤَيّد ذَلِك أَن البُخَارِيّ روى فِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب وَفِي بَاب اسْتِئْذَان الإِمَام من كتاب الْجِهَاد عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن جرير وَأما الْموضع الثَّالِث فَهُوَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بِدَلِيل مَا مضى وَالله أعلم تَرْجَمَة قَالَ فِي بَاب الْأَذَان للْمُسَافِر حَدثنَا إِسْحَاق حَدثنَا جَعْفَر بن عون حَدثنَا أَبُو العميس عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطح الحَدِيث لم يَقع إِسْحَاق هَذَا مَنْسُوبًا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ إِلَّا فِي بعض النّسخ من طَرِيق أبي الْوَقْت وَجزم خلف فِي الْأَطْرَاف بِأَنَّهُ بن مَنْصُور وَتردد أَبُو نصر الكلاباذي هَل هُوَ بن إِبْرَاهِيم أَو بن مَنْصُور وَرجح أَبُو عَليّ الجياني أَنه بن مَنْصُور وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِأَن مُسلما روى هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَن جَعْفَر بن عون بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهُوَ اسْتِدْلَال قوي تَرْجَمَة قَالَ فِي بَاب فضل صَلَاة الْفجْر وَفِي بَاب البيعان بِالْخِيَارِ وَفِي بَاب إِذا كَانَ البَائِع بِالْخِيَارِ هَل يجوز البيع وَفِي بَاب حَدِيث أبي النَّضر وَفِي بَاب أجر الصابر فِي الطَّاعُون من كتاب الطِّبّ وَفِي بَاب الْجَعْد من كتاب اللبَاس وَفِي بَاب المعاريض مندوحة عَن الْكَذِب وَفِي بَاب كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي بَاب إِذا أقرّ بِالْقَتْلِ مرّة حَدثنَا إِسْحَاق حَدثنَا حبَان بن هِلَال قَالَ أَبُو عَلِيِّ الْجَيَّانِيُّ لَمْ أَجِدْ إِسْحَاقَ هَذَا مَنْسُوبا عَن أحد من رُوَاة الْكتاب وَلَعَلَّه إِسْحَاق بن مَنْصُور فَإِن مُسلما قد روى فِي صَحِيحه عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ حَبَّانَ بْنِ هِلَال قلت رَأَيْته فِي رِوَايَة أبي عَليّ مُحَمَّد بن عمر الشبوي فِي بَاب البيعان بِالْخِيَارِ قد قَالَ فِيهِ حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور حَدثنَا حبَان فَهَذِهِ قرينَة تقوى مَا ظَنّه أَبُو عَليّ رَحمَه الله ويقوى ذَلِك أَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه لَا يَقُول حَدثنَا وَإِنَّمَا يَقُول أخبرنَا تَرْجَمَة قَالَ فِي بَاب الْأَذَان قبل الْفجْر وَفِي بَاب إِسْلَام سعد رَضِي الله عَنهُ من كتاب الْمَغَازِي حَدثنَا إِسْحَاق حَدثنَا أَبُو أُسَامَة واسْمه حَمَّاد بن سَلمَة وَقَالَ فِي بَاب كم تقصر الصَّلَاة حَدثنَا إِسْحَاق قَالَ قلت لأبي أُسَامَة قَالَ أَبُو عَليّ الجياني قد روى البُخَارِيّ فِي كتاب الْأَطْعِمَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي عَن أبي أُسَامَة وَرُوِيَ فِي غير مَوضِع عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَنهُ وروى فِي الْعَقِيقَة وَغَيرهَا عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن أبي أُسَامَة وروى فِي تَفْسِير سُورَة السَّجْدَة وَغَيرهَا عَن إِسْحَاق بن نصر عَن أبي أُسَامَة فَلَا يَخْلُو أَن يكون إِسْحَاق الَّذِي لم ينْسبهُ أحد هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة قلت جزم الْمزي فِي الْأَطْرَاف فِي الْموضع الأول أَنه إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَفِيه نظر وَأما الْموضع الثَّالِث فَلم يُنَبه عَلَيْهِ أَبُو عَليّ الجياني وَهُوَ عِنْدِي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أَيْضا لِأَن هَذِه الصِّيغَة هِيَ الَّتِي عبر بهَا فِي مُسْنده فَقَالَ فِي تَرْجَمَة عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عمر قَالَ قلت لأبي أُسَامَة حَدثكُمْ عبيد الله عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُسَافِر الْمَرْأَة ثَلَاثًا إِلَّا مَعَ ذِي محرم وَقد جزم الْمزي فِي الْأَطْرَاف أَيْضا بِأَنَّهُ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وعَلى هَذَا فَيَنْبَغِي حمل الْموضع الثَّانِي عَلَيْهِمَا ويتقرر أَنه إِذا روى عَن إِسْحَاق عَن أبي أُسَامَة إِذا لم ينْسب إِسْحَاق فَهُوَ بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي وَإِن روى عَن غَيره نسبه وَرُبمَا روى عَنهُ فنسبه أَيْضا وَالله أعلم تَرْجَمَة قَالَ فِي بَاب النّسك شَاة من كتاب الْحَج وَفِي بَاب خير مَال الْمُسلم غنم يتبع بهَا شعف الْجبَال من كتاب بَدْء الْخلق وَفِي بَاب غَزْوَة الخَنْدَق وَفِي بَاب تَفْسِير الْبَقَرَة فِي موضِعين وَفِي بَاب تَفْسِير سُورَة الْأَنْفَال وَفِي بَاب وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه من كتاب الرقَاق حَدثنَا إِسْحَاق حَدثنَا روح وَهُوَ بن عبَادَة قَالَ أَبُو عَلِيِّ الْجَيَّانِيُّ لَمْ أَجِدْ إِسْحَاقَ هَذَا مَنْسُوبا عَن أحد من الشُّيُوخ فِي شَيْء من هَذِه الْمَوَاضِع يَعْنِي الَّتِي ذكرهَا وَهِي الَّتِي فِي بَدْء
[128] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي أَبِي هُوَ هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ قَوْلُهُ رَدِيفَهُ أَيْ رَاكِبٌ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ وَالرَّحْلُ بِإِسْكَانِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ لِلْبَعِيرِ لَكِنْ مُعَاذٌ كَانَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ رَدِيفَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِهَادِ قَوْلُهُ قَالَ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ هُوَ خَبَرُ أَن الْمُتَقَدّمَة وبن جَبَلٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَأَمَّا مُعَاذٌ فَبِالضَّمِّ لِأَنَّهُ منادى مُفْرد علم وَهَذَا اخْتِيَار بن مَالك لعدم احْتِيَاجه إِلَى تَقْدِير وَاخْتَارَ بن الْحَاجِبِ النَّصْبَ عَلَى أَنَّهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ كَاسْمٍ وَاحِدٍ مُرَكَّبٍ كَأَنَّهُ أُضِيفَ وَالْمُنَادَى الْمُضَافُ مَنْصُوب وَقَالَ بن التِّينِ يَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ مُعَاذٌ زَائِد فالتقدير يَا بن جبل وَهُوَ يرجع إِلَى كَلَام بن الْحَاجِبِ بِتَأْوِيلٍ قَوْلُهُ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ اللَّبُّ بِفَتْحِ اللَّامِ مَعْنَاهُ هُنَا الْإِجَابَةُ وَالسَّعْدُ الْمُسَاعَدَةُ كَأَنَّهُ قَالَ لَبًّا لَكَ وَإِسْعَادًا لَكَ وَلَكِنَّهُمَا ثُنِّيَا عَلَى مَعْنَى التَّأْكِيدِ وَالتَّكْثِيرِ أَيْ إِجَابَةً بَعْدَ إِجَابَةٍ وَإِسْعَادًا بَعْدَ إِسْعَادٍ وَقِيلَ فِي أَصْلِ لَبَّيْكَ وَاشْتِقَاقِهَا غَيْرُ ذَلِكَ وَسَنُوَضِّحُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ ثَلَاثًا أَيِ النِّدَاءَ وَالْإِجَابَةَ قِيلَا ثَلَاثًا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ فِي بَابِ مَنْ أَعَادَ الْحَدِيثَ ثَلَاثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ قَوْلُهُ صِدْقًا فِيهِ احْتِرَازٌ عَنْ شَهَادَةِ الْمُنَافِقِ وَقَوْلُهُ مِنْ قَلْبِهِ يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِصِدْقًا أَيْ يَشْهَدُ بِلَفْظِهِ وَيُصَدِّقُ بِقَلْبِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِيَشْهَدُ أَيْ يَشْهَدُ بِقَلْبِهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَقَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ صِدْقًا أُقِيمَ هُنَا مَقَامَ الِاسْتِقَامَةِ لِأَنَّ الصِّدْقَ يُعَبَّرُ بِهِ قَوْلًا عَنْ مُطَابَقَةِ الْقَوْلِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ وَيُعَبَّرُ بِهِ فِعْلًا عَنْ تَحَرِّي الْأَخْلَاقِ الْمَرْضِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أَيْ حَقَّقَ مَا أَوْرَدَهُ قَوْلًا بِمَا تَحَرَّاهُ فِعْلًا انْتَهَى وَأَرَادَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ رَفْعَ الْإِشْكَالِ عَنْ ظَاهِرِ الْخَبَرِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ دُخُولِ جَمِيعِ مَنْ شَهِدَ الشَّهَادَتَيْنِ النَّارَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعْمِيمِ وَالتَّأْكِيدِ لَكِنْ دَلَّتِ الْأَدِلَّةُ الْقَطْعِيَّةُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ طَائِفَةً مِنْ عُصَاةِ الْمُؤْمِنِينَ يُعَذَّبُونَ ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ فَعُلِمَ أَنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِمَنْ عَمِلَ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ قَالَ وَلِأَجْلِ خَفَاءَ ذَلِكَ لَمْ يُؤْذَنْ لِمُعَاذٍ فِي التَّبْشِيرِ بِهِ وَقَدْ أَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنِ الْإِشْكَالِ أَيْضًا بِأَجْوِبَةٍ أُخْرَى مِنْهَا أَنَّ مُطْلَقَهُ مُقَيَّدٌ بِمَنْ قَالَهَا تَائِبًا ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ وَمِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَعَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَصُحْبَتُهُ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ نُزُولِ أَكْثَرِ الْفَرَائِضِ وَكَذَا وَرَدَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَكَانَ قُدُومُهُ فِي السَّنَةِ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَمِنْهَا أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ إِذِ الْغَالِبُ أَنَّ الْمُوَحِّدَ يَعْمَلُ الطَّاعَةَ وَيَجْتَنِبُ الْمَعْصِيَةَ وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِتَحْرِيمِهِ عَلَى النَّارِ تَحْرِيمُ خُلُودِهِ فِيهَا لَا أَصْلُ دُخُولِهَا وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ النَّارُ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ لَا الطَّبَقَةُ الَّتِي أُفْرِدَتْ لِعُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِتَحْرِيمِهِ عَلَى النَّارِ حُرْمَةُ جُمْلَتِهِ لِأَنَّ النَّارَ لَا

الصفحة 226