كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

الأولى أَن مَدَاره على حُسَيْن بن ذكْوَان الْمعلم وَلم يُصَرح بِسَمَاعِهِ لَهُ من يحيى بن أبي كثير وَإِنَّمَا جَاءَ عَن حُسَيْن قَالَ قَالَ يحيى بن أبي كثير الثَّانِيَة أَنه خُولِفَ فِيهِ فَرَوَاهُ غَيره عَن يحيى بن أبي كثير مَوْقُوفا غير مَرْفُوع الثَّالِثَة أَن أَبَا سَلمَة أَيْضا قد خُولِفَ فِيهِ فَرَوَاهُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَن زيد بن خَالِد مَوْقُوفا عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة قلت وَالْجَوَاب عَن الأولى أَن بن خُزَيْمَة والسراج والإسماعيلي وَغَيرهم رووا الحَدِيث من طَرِيق حُسَيْن الْمعلم وصرحوا فِيهِ بالإخبار وَلَفظ السراج بِسَنَدِهِ إِلَى حُسَيْن أخبرنَا يحيى بن أبي كثير أَن أَبَا سَلمَة حَدثهُ الخ وَأما الْجَواب عَن الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة فالتعليل الْمَذْكُور بهما غير قَادِح لِأَن رِوَايَة حُسَيْن مُشْتَمِلَة على الرّفْع وَالْوَقْف مَعًا فَإِذا اشْتَمَل غَيرهمَا على الْمَوْقُوف فَقَط كَانَت هِيَ مُشْتَمِلَة على زِيَادَة لَا تنَافِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى فَتقبل من الْحفاظ وَهُوَ كَذَلِك فَتبين أَن التَّعْلِيل بذلك لَيْسَ بقادح وَالله أعلم من كتاب الصَّلَاة الحَدِيث الرَّابِع قَالَ البُخَارِيّ بَاب الخوخة الْمَمَر فِي الْمَسْجِد حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان حَدثنَا فليح هُوَ بن سُلَيْمَان حَدثنَا أَبُو النَّضر عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سعيد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ خَطَبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خير عبدا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْده الحَدِيث قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا السِّيَاق غير مَحْفُوظ وَاخْتلف فِيهِ على فليح فَرَوَاهُ مُحَمَّد بن سِنَان هَكَذَا وَتَابعه الْمعَافى بن سُلَيْمَان الْحَرَّانِي وَرَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور وَيُونُس بن مُحَمَّد الْمُؤَذّن وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدٍ بن حنين وَبسر بن سعيد جَمِيعًا عَن أبي سعيد قلت أخرجه مُسلم عَن سعيد وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة عَن يُونُس وبن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث الطَّيَالِسِيّ وَرَوَاهُ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ أبي النَّضر عَن بسر بن سعيد عَن أبي سعيد وَلم يذكر عبيد بن حنين أخرجهُمَا البُخَارِيّ فِي مَنَاقِب أبي بكر فَهَذِهِ ثَلَاثَة أوجه مُخْتَلفَة فَأَما رِوَايَة أبي عَامر فَيمكن ردهَا إِلَى رِوَايَة سعيد بن مَنْصُور بِأَن يكون اقْتصر فِيهَا على أحد شَيْخي أبي النَّضر دون الآخر وَقد رَوَاهُ مَالك عَن أبي النَّضر عَنْهُمَا جَمِيعًا حدث بِهِ القعْنبِي فِي الْمُوَطَّأ عَنهُ وَتَابعه جمَاعَة من مَالك خَارج الْمُوَطَّأ وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن بن أبي أويس عَن مَالك فِي الْهِجْرَة لكنه اقْتصر فِيهِ على عبيد بن حنين حسب وَأما رِوَايَة مُحَمَّد بن سِنَان فَوَهم لِأَنَّهُ صير بسر بن سعيد شَيخا لِعبيد بن حنين وَإِنَّمَا هُوَ رَفِيقه فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث وَيُمكن أَن تكون الْوَاو سَقَطت قبل قَوْله عَن بسر وَقد صرح بذلك البُخَارِيّ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو عَليّ بن السكن الْحَافِظ فِي زوائده فِي الصَّحِيح قَالَ أَنبأَنَا الْفربرِي قَالَ قَالَ البُخَارِيّ هَكَذَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن سِنَان عَن فليح وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَعَنْ بسر بن سعيد يَعْنِي بواو الْعَطف فقد أفْصح البُخَارِيّ بِأَن شَيْخه سَقَطت عَلَيْهِ الْوَاو من هَذَا السِّيَاق وَإِن من إِسْقَاطهَا نَشأ هَذَا الْوَهم وَإِذا رَجعْنَا إِلَى الْإِنْصَاف لم تكن هَذِه عِلّة قادحة مَعَ هَذَا الْإِيضَاح وَالله أعلم الحَدِيث الْخَامِس قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ أخرجَا جَمِيعًا حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس قَالَ كُنَّا نصلي الْعَصْر ثمَّ يذهب الذَّاهِب منا إِلَى قبَاء فيأتيهم وَالشَّمْس مُرْتَفعَة وَهَذَا مِمَّا ينْتَقد بِهِ على مَالك لِأَنَّهُ رَفعه وَقَالَ فِيهِ إِلَى قبَاء وَخَالفهُ عدد كثير مِنْهُم شُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَصَالح بن كيسَان وَعَمْرو بن الْحَارِث وَيُونُس بن يزِيد وَمعمر وَاللَّيْث
أَمَّا بَعْدُ اللَّهُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ أَمَّا بَعْدُ زَيْدٌ قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ يُشْعِرُ بِمُهْلَةٍ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالدُّعَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي رِوَايَةِ الْأَجْلَحِ عِنْدَ الْبَزَّارِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ كَمَا كَانَ يَرْفَعُهُ عِنْدَ تَمَامِ سُجُودِهِ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ اللَّهُمَّ وَلِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ نَحْوُهُ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ الدُّعَاءَ الْمَذْكُورَ وَقَعَ خَارِجَ الصَّلَاةِ لَكِنْ وَقَعَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْكَعْبَةَ كَمَا ثَبَتَ مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ قَوْلُهُ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ أَيْ بِإِهْلَاكِ قُرَيْشٍ وَالْمُرَادُ الْكُفَّارُ مِنْهُمْ أَوْ مَنْ سَمَّى مِنْهُمْ فَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ قَوْلُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَرَّرَهُ إِسْرَائِيلُ فِي رِوَايَتِهِ لَفْظًا لَا عَدَدًا وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا قَوْلُهُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمْ الضَّحِكُ وَخَافُوا دَعْوَتَهُ قَوْلُهُ وَكَانُوا يَرَوْنَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ فِي رِوَايَتِنَا مِنَ الرَّأْيِ أَيْ يَعْتَقِدُونَ وَفِي غَيْرِهَا بِالضَّمِّ أَيْ يَظُنُّونَ وَالْمُرَادُ بِالْبَلَدِ مَكَّةُ وَوَقَعَ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي الثَّالِثَةِ بَدَلَ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا بَقِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ شَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلُهُ ثُمَّ سَمَّى أَيْ فَصَّلَ مَنْ أَجْمَلَ قَوْلُهُ بِأَبِي جَهْلٍ فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ وَهُوَ اسْمُ أَبِي جَهْلٍ فَلَعَلَّهُ سَمَّاهُ وَكَنَّاهُ مَعًا قَوْلُهُ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ هُوَ وَلَدُ الْمَذْكُورِ بَعْدَ أَبِي جَهْلٍ وَلَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ فِي أَنَّهُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ لَكِنْ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا بِالْقَافِ بَدَلَ الْمُثَنَّاةِ وَهُوَ وَهْمٌ قديم نبه عَلَيْهِ بن سُفْيَانَ الرَّاوِي عَنْ مُسْلِمٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ شَيْخِ مُسْلِمٍ عَلَى الصَّوَابِ قَوْلُهُ وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ أَوْ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ شَكَّ شُعْبَةُ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عُقَيْبَ رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ فِي الْجِهَادِ وَقَالَ الصَّحِيحُ أُمَيَّةُ لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَهُ هُنَاكَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ أَوْ مِنْ شَيْخِهِ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ إِذْ حَدَّثَهُ فَقَدْ رَوَاهُ شَيْخُهُ أَبُو بَكْرٍ فِي مُسْنَدِهِ فَقَالَ أُمَيَّةُ وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ كَذَلِكَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَطْبَقَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي عَلَى أَنَّ الْمَقْتُولَ بِبَدْرٍ أُمَيَّةُ وَعَلَى أَنَّ أَخَاهُ أُبَيًّا قُتِلَ بِأُحُدٍ وَسَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي قَتْلُ أُمَيَّةَ بِبَدْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ نَحْفَظْهُ وَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا بِالنُّونِ وَهِيَ لِلْجَمْعِ وَفِي غَيْرِهَا بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فَاعِلُ عَدَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بن مَسْعُود وفاعل فَلم نَحْفَظهُ بن مَسْعُودٍ أَوْ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ قُلْتُ وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ تَهَيَّأَ لَهُ الْجَزْمُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَاعِلَ فَلَمْ نَحْفَظْهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَلَفْظُهُ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَنَسِيتُ السَّابِعَ وَعَلَى هَذَا فَفَاعِلُ عَدَّ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ عَلَى أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ قَدْ تَذَكَّرَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَسَمَّاهُ عُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ كَذَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ عَن أبي إِسْحَاقَ وَسَمَاعُ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي غَايَةِ الْإِتْقَانِ لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ لِأَنَّهُ جَدُّهُ وَكَانَ خِصِّيصًا بِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ مَا فَاتَنِي الَّذِي فَاتَنِي مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَّا اتِّكَالًا عَلَى إِسْرَائِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْتِي بِهِ أَتَمَّ وَعَنْ إِسْرَائِيلَ قَالَ كُنْتُ أَحْفَظُ حَدِيثَ أَبِي إِسْحَاقَ كَمَا أَحْفَظُ سُورَةَ الْحَمْدِ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ عَدَّ عُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ فِي الْمَذْكُورِينَ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ بِبَدْرٍ بَلْ ذَكَرَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي أَنَّهُ مَاتَ بِأَرْض الْحَبَشَة وَله قصَّة مَعَ النَّجَاشِيِّ إِذْ تَعَرَّضَ لِامْرَأَتِهِ فَأَمَرَ النَّجَاشِيُّ سَاحِرًا فَنَفَخَ فِي إِحْلِيلِ عُمَارَةَ مِنْ سِحْرِهِ عُقُوبَةً لَهُ فَتَوَحَّشَ وَصَارَ مَعَ الْبَهَائِمِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ وَالْجَوَابُ أَن كَلَام بن مَسْعُودٍ فِي أَنَّهُ رَآهُمْ صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْثَرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ لَمْ يُطْرَحْ فِي الْقَلِيبِ وَإِنَّمَا قُتِلَ صَبْرًا بَعْدَ أَنْ رَحَلُوا عَنْ بَدْرٍ مَرْحَلَةً وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ لَمْ يُطْرَحْ فِي الْقَلِيبِ كَمَا هُوَ بَلْ

الصفحة 351