كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

الْحسن سَمِعت أَبَا بكرَة فتأول أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ لِأَن الْحسن عِنْدَهُمْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ وَحَمَلَهُ البُخَارِيّ وبن الْمَدِينِيّ على أَنه الْحسن الْبَصْرِيّ وَبِهَذَا صَحَّ عِنْدهم سَمَاعه مِنْهُ قَالَ الْبَاجِيّ وَعِنْدِي أَن الْحسن الَّذِي سَمعه مِنْ أَبِي بَكْرَةَ إِنَّمَا هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَليّ بن أبي طَالب قلت أوردت هَذَا مُتَعَجِّبا مِنْهُ لِأَنِّي لم أره لغير الْبَاجِيّ وَهُوَ حمل مُخَالف للظَّاهِر بِلَا مُسْتَند ثمَّ إِن رَاوِي هَذَا الحَدِيث عِنْد البُخَارِيّ عَن الْحسن لم يدْرك الْحسن بن عَليّ فَيلْزم الِانْقِطَاع فِيهِ فَمَا فر مِنْهُ الْبَاجِيّ من الِانْقِطَاع بَين الْحسن الْبَصْرِيّ وَأبي بكرَة وَقع فِيهِ بَين الْحسن بن عَليّ والراوي عَنهُ وَمن تَأمل سِيَاقه عِنْد البُخَارِيّ تحقق ضعف هَذَا الْحمل وَالله أعلم وَأما احتجاجه بِأَن البُخَارِيّ أخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيق أُخْرَى فَقَالَ فِيهَا عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الْأَحْنَفِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ فَلَيْسَ بَين الإسنادين تناف لِأَن فِي رِوَايَته لَهُ عَن الْأَحْنَف عَن أبي بكرَة زِيَادَة بَينه لم يشْتَمل عَلَيْهَا حَدِيثه عَن أبي بكرَة وَهَذَا بَين من السياقين وَالله الْمُوفق من السِّيرَة النَّبَوِيَّة والمغازي الحَدِيث السِّتُّونَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ أخرج البُخَارِيّ حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ حَدثنِي عُرْوَة بن الزبير قَالَ سَأَلت بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَخْبرنِي بأشد شَيْء صنعه الْمُشْركُونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث وَتَابعه بن إِسْحَاق عَن يحيى بن عُرْوَة عَن عُرْوَة قلت لعبد الله بن عَمْرو وَقَالَ هِشَام عَن أَبِيه قيل لعَمْرو بن الْعَاصِ وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُرْوَة قلت ذكر البُخَارِيّ الِاخْتِلَاف فِيهِ كَمَا ترى وَاقْتضى صَنِيعه تَرْجِيح رِوَايَة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ لِأَن يحيى وهشاما ابْني عُرْوَة اخْتلفَا على أَبِيهِمَا فَوَافَقَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم يحيى بن عُرْوَة على قَوْله عَن عبد الله بن عَمْرو وأكد ذَلِك أَن لِقَاء عُرْوَة لعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أثبت من لِقَائِه لعَمْرو بن الْعَاصِ وَقد صرح فِي حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَأَلَ وَأما رِوَايَة هِشَام فَلَيْسَ فِيهَا أَنه سَأَلَ عَمْرو بن الْعَاصِ فَيحْتَمل أَنه كَانَ بلغه ذَلِك عَن عَمْرو بن الْعَاصِ لِأَن رِوَايَة أبي سَلمَة تدل على أَن عَمْرو بن الْعَاصِ حدث بذلك فَكَأَنَّهُ بلغ عُرْوَة عَنهُ فَأرْسلهُ عَنهُ ثمَّ لَقِي عبد الله بن عَمْرو فَسَأَلَهُ فَحدث بذلك عَنهُ وَمُقْتَضى ذَلِك تصويب صَنِيع البُخَارِيّ وَتبين بِهَذَا وَأَمْثَاله أَن الِاخْتِلَاف عِنْد النقاد لَا يضر إِذا قَامَت الْقَرَائِن على تَرْجِيح إِحْدَى الرِّوَايَات أَو أمكن الْجمع على قواعدهم وَالله أعلم الحَدِيث الْحَادِي وَالسِّتُّونَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ أخرج البُخَارِيّ حَدِيث بن وهب عَن عمر بن مُحَمَّد قَالَ أَخْبرنِي جدي زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ أَبِيهِ قَالَ بَيْنَمَا هُوَ فِي الدَّار خَائفًا يَعْنِي عمر بعد أَن أسلم إِذْ جَاءَهُ الْعَاصِ بن وَائِل السَّهْمِي أَبُو عَمْرو فَقَالَ مَا بالك قَالَ زعم قَوْمك أَنهم سيقتلونني الحَدِيث قَالَ وَخَالفهُ الْوَلِيد بن مُسلم فَرَوَاهُ عَن عمر بن مُحَمَّد حَدثنِي أبي عَن جدي عَن بن عمر زَاد فِيهِ رجلا قلت قد صرح فِي رِوَايَة البُخَارِيّ بِسَمَاعِهِ من جده فَالظَّاهِر أَنه سَمعه مِنْهُمَا أَن كَانَ الْوَلِيد حفظه الحَدِيث الثَّانِي وَالسِّتُّونَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَأخرج البُخَارِيّ حَدِيث بن جريج عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عمر فرض للمهاجرين الْأَوَّلين أَرْبَعَة آلَاف وَهَذَا مُرْسل يَعْنِي أَن نَافِعًا لم يدْرك عمر بن الْخطاب قلت
غُرُفَاتٍ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ شُعْبَةُ أَظُنُّهُ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَفِيهِ وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ فَقَالَ جَابِرٌ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ وَأَطْيَبَ

[256] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَبِهِ جَزَمَ الْمِزِّيُّ وَفِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ بِوَزْنِ مُحَمَّدٍ وَبِهِ جَزَمَ الْحَاكِمُ وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ سَامٍ فَيُقَالُ مَعْمَرُ بْنُ سَامٍ وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيف الْمِيم قَوْله بن عمك فِيهِ تجوز فَإِنَّهُ بن عَمِّ وَالِدِهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْحَنَفِيَّةُ كَانَتْ زَوْجَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدًا فَاشْتُهِرَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا وَقَوْلُ جَابِرٍ أَتَانِي يُشْعِرُ بِأَنَّ سُؤَالَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ كَانَ فِي غَيْبَةِ أَبِي جَعْفَرٍ فَهُوَ غَيْرُ سُؤَالِ أَبِي جَعْفَرٍ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَنِ الْكَمِّيَّةِ كَمَا أَشْعَرَ بِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْجَوَابِ يَكْفِيكَ صَاعٌ وَهَذَا عَنِ الْكَيْفِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِ كَيْفَ الْغُسْلُ وَلَكِنَّ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا هُوَ الْمُنَازِعُ لِجَابِرٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ فِي جَوَابِ الْكَمِّيَّةِ مَا يَكْفِينِي أَيِ الصَّاعُ وَلَمْ يُعَلِّلْ وَقَالَ فِي جَوَابِ الْكَيْفِيَّةِ إِنِّي كَثِيرُ الشَّعْرِ أَيْ فَأَحْتَاجُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ غُرُفَاتٍ فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ فِي جَوَابِ الْكَيْفِيَّةِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ شَعْرًا مِنْكَ وَأَطْيَبَ أَيْ وَاكْتَفَى بِالثَّلَاثِ فَاقْتَضَى أَنَّ الْإِنْقَاءَ يَحْصُلُ بِهَا وَقَالَ فِي جَوَابِ الْكَمِّيَّةِ مَا تَقَدَّمَ وَنَاسَبَ ذِكْرَ الْخَيْرِيَّةِ لِأَنَّ طَلَبَ الِازْدِيَادِ مِنَ الْمَاءِ يُلْحَظُ فِيهِ التَّحَرِّي فِي إِيصَالِ الْمَاءِ إِلَى جَمِيعِ الْجَسَدِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدَ الْوَرِعِينَ وَأَتْقَى النَّاسِ لِلَّهِ وَأَعْلَمَهُمْ بِهِ وَقَدِ اكْتَفَى بِالصَّاعِ فَأَشَارَ جَابِرٌ إِلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا اكْتَفَى بِهِ تَنَطُّعٌ قَدْ يَكُونُ مَثَارُهُ الْوَسْوَسَةَ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ ثَلَاثَ أَكُفٍّ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ ثَلَاثَةَ أَكُفٍّ وَهِيَ جَمْعُ كَفٍّ وَالْكَفُّ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَأْخُذُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَفَّيْنِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَبَسَطَ يَدَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ الَّذِي فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَالْكَفُّ اسْمُ جِنْسٍ فَيُحْمَلُ عَلَى الِاثْنَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْغُرُفَاتِ الثَّلَاثُ لِلتَّكْرَارِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ جِهَةٍ مِنَ الرَّأْسِ غُرْفَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَن عَائِشَة قَرِيبا

الصفحة 368