كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

الْجَمَاعَة وَمَا أخرج لَهُ فِي الصَّحِيح شَيْء مِمَّا يُقَوي بدعته خَ ع عَطاء بن السَّائِب بن مَالك الثَّقَفِيّ الْكُوفِي وَقيل اسْم جده يزِيد من مشاهير الروَاة الثِّقَات إِلَّا أَنه اخْتَلَط فضعفوه بِسَبَب ذَلِك وَتحصل لي من مَجْمُوع كَلَام الْأَئِمَّة أَن رِوَايَة شُعْبَة وسُفْيَان الثَّوْريّ وَزُهَيْر بن مُعَاوِيَة وزائدة وَأَيوب وَحَمَّاد بن زيد عَنهُ قبل الِاخْتِلَاط وَأَن جَمِيع من روى عَنهُ غير هَؤُلَاءِ فَحَدِيثه ضَعِيف لِأَنَّهُ بعد اخْتِلَاطه إِلَّا حَمَّاد بن سَلمَة فَاخْتلف قَوْلهم فِيهِ لَهُ فِي البُخَارِيّ حَدِيث عَن سعيد بن جُبَير عَن بن عَبَّاس فِي ذكر الْحَوْض مقرون بِأبي بشر جَعْفَر بن أبي وحشية أحد الْأَثْبَات وَهُوَ فِي تَفْسِير سُورَة الْكَوْثَر م ع اعطاء بن أبي مُسلم الخرساني مَشْهُور مُخْتَلف فِيهِ مَا علمت من ذكره فِي رجال البُخَارِيّ سوى الْمزي فَإِنَّهُ ذكره فِي التَّهْذِيب وَتعلق بالقصة الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي الحَدِيث الْحَادِي والثمانين فِي الْفَصْل الَّذِي قبل هَذَا وَلَيْسَ فِيهَا مَا يقطع بِمَا زَعمه وَالله أعلم خَ م س ق عَطاء بن أبي مَيْمُونَة الْبَصْرِيّ أَبُو معَاذ مولى أنس وَثَّقَهُ بن معِين وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو زرْعَة وَقَالَ بن عدي فِي أَحَادِيثه بعض مَا يُنكر وَقَالَ البُخَارِيّ وَغير وَاحِد كَانَ يرى الْقدر قلت احْتج بِهِ الْجَمَاعَة سوى التِّرْمِذِيّ وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى حَدِيثه عَن أنس فِي الِاسْتِنْجَاء ع عَفَّان بن مُسلم الصغار من كبار الثِّقَات الْأَثْبَات لقِيه البُخَارِيّ وروى عَنهُ شَيْئا يَسِيرا وَحدث عَن جمَاعَة من أَصْحَابه عَنهُ اتَّفقُوا على توثيقه حَتَّى قَالَ يحيى الْقطَّان إِذا وَافقنِي عَفَّان لَا أُبَالِي من خالفني وَقَالَ أَبُو حَاتِم ثِقَة متقن متين وَسُئِلَ أَحْمد بن حَنْبَل من تَابع عَفَّان على كَذَا فَقَالَ وَعَفَّان يحْتَاج إِلَى متابع وَذكره بن عدي فِي الْكَامِل لقَوْل سُلَيْمَان بن حَرْب مَا كَانَ عَفَّان يضْبط عَن شُعْبَة وَقد قَالَ أَبُو عَمْرو الحوضي رَأَيْت شُعْبَة أَقَامَ عَفَّان من مَجْلِسه مرَارًا من كَثْرَة مَا يُكَرر عَلَيْهِ قلت فَهَذَا يدل على تثبته فِي تحمله وَكَأن قَول سُلَيْمَان أَنه كَانَ لَا يضْبط عَن شُعْبَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى أقرانه الَّذين يحفظون بِسُرْعَة وَقد قَالَ يحيى بن معِين بن مهْدي وَإِن كَانَ أحفظ من عَفَّان فَمَا هُوَ من رجال عَفَّان فِي الْكتاب وَقَالَ بن الْمَدِينِيّ مَا أَقُول فِي رجل كَانَ يشك فِي حرف فَيضْرب على خَمْسَة أسطر وَقيل لِابْنِ معِين إِذا اخْتلف عَفَّان وَأَبُو الْوَلِيد فِي حَدِيث فَالْقَوْل قَول من قَالَ القَوْل قَول عَفَّان وَالْكَلَام فِي إتقانه كثير جدا احْتج بِهِ الْجَمَاعَة ع عقيل بن خَالِد الْأَيْلِي أحد الثِّقَات الْأَثْبَات من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ اعْتَمدهُ الْجَمَاعَة وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم بن سعد حِكَايَة أَحْمد بن حَنْبَل فِي إِنْكَاره على يحيى بن سعيد الْقطَّان تليين عقيل وَإِبْرَاهِيم ع عِكْرِمَة أَبُو عبد الله مولى بن عَبَّاس احْتج بِهِ البُخَارِيّ وَأَصْحَاب السّنَن وَتَركه مُسلم فَلم يخرج لَهُ سوى حَدِيث وَاحِد فِي الْحَج مَقْرُونا بِسَعِيد بن جُبَير وَإِنَّمَا تَركه مُسلم لكَلَام مَالك فِيهِ وَقد تعقب جمَاعَة من الْأَئِمَّة ذَلِك وصنفوا فِي الذب عَن عِكْرِمَة مِنْهُم أَبُو جَعْفَر بن جرير الطَّبَرِيّ وَمُحَمّد بن نصر الْمروزِي وَأَبُو عبد الله بن مَنْدَه وَأَبُو حَاتِم بن حبَان وَأَبُو عمر بن عبد الْبر وَغَيرهم وَقد رَأَيْت أَن الخص مَا قيل فِيهِ هُنَا وَإِن كنت قد استوفيت ذَلِك فِي تَرْجَمته من مختصري لتهذيب الْكَمَال فَأَما أَقْوَال من وهاه فمدارها على ثَلَاثَة أَشْيَاء على رميه بِالْكَذِبِ وعَلى الطعْن فِيهِ بِأَنَّهُ كَانَ يرى رَأْي الْخَوَارِج وعَلى الْقدح فِيهِ بِأَنَّهُ كَانَ يقبل جوائز الْأُمَرَاء فَهَذِهِ الْأَوْجه الثَّلَاثَة يَدُور عَلَيْهَا جَمِيع مَا طعن بِهِ فِيهِ فَأَما الْبِدْعَة فَإِن ثبتَتْ عَلَيْهِ فَلَا تضر حَدِيثه لِأَنَّهُ لم يكن دَاعِيَة مَعَ أَنَّهَا لم تثبت عَلَيْهِ وَأما قبُول الجوائز فَلَا يقْدَح أَيْضا إِلَّا عِنْد أهل التَّشْدِيد وَجُمْهُور أهل الْعلم على الْجَوَاز كَمَا صنف فِي ذَلِك بن عبد الْبر وَأما التَّكْذِيب فسنبين وُجُوه رده بعد حِكَايَة أَقْوَالهم وَأَنه لَا يلْزم من شَيْء مِنْهُ قدح فِي رِوَايَته فَالْوَجْه الأول فِيهِ أَقْوَال فأشدها مَا روى عَن بن عمر أَنه قَالَ لنافع لَا تكذب عَليّ كَمَا كذب عِكْرِمَة على بن عَبَّاس وَكَذَا مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِك لبرد مَوْلَاهُ فقد روى ذَلِك عَن
الْحَمْلُ أَوِ الْحَيْضُ فَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ذَلِكَ لِتَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَلَا يَمْلِكَ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ إِذَا كَانَتْ لَهُ وَرَوَى أَيْضًا بِإِسْنَادٍ حسن عَن بن عُمَرَ قَالَ لَا يَحِلُّ لَهَا إِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَكْتُمَ حَيْضَهَا وَلَا إِنْ كَانَتْ حَامِلًا أَنْ تَكْتُمَ حَمْلَهَا وَعَنْ مُجَاهِدٍ لَا تَقُولُ إِنِّي حَائِضٌ وَلَيْسَتْ بِحَائِضٍ وَلَا لَسْتُ بِحَائِضٍ وَهِيَ حَائِضٌ وَكَذَا فِي الْحَبَلِ وَمُطَابَقَةُ التَّرْجَمَةِ لِلْآيَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِظْهَارُ فَلَوْ لَمْ تُصَدَّقْ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ وَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ كَمَا سَيَأْتِي وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِهِ لِلتَّرَدُّدِ فِي سَمَاعِ الشَّعْبِيِّ مِنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ شُرَيْحٍ فَيَكُونُ مَوْصُولًا قَوْلُهُ إِنْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ إِنِ امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِكَسْرِ النُّونِ قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا أَيْ خَوَاصِّهَا قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَشْهَدَ النِّسَاءُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا نَرَى أَنْ يَشْهَدْنَ أَنَّ هَذَا يَكُونُ وَقَدْ كَانَ فِي نِسَائِهِنَّ قُلْتُ وَسِيَاقُ الْقِصَّةِ يَدْفَعُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَالَ الدَّارِمِيُّ أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ هُوَ الشَّعْبِيُّ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَلِيٍّ تُخَاصِمُ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا فَقَالَتْ حِضْتُ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَقَالَ عَلِيٌّ لِشُرَيْحٍ اقْضِ بَيْنَهُمَا قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤمنِينَ وَأَنت هَا هُنَا قَالَ اقْضِ بَيْنَهُمَا قَالَ إِنْ جَاءَتْ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ وَأَمَانَتُهُ تَزْعُمُ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ تَطْهُرُ عِنْدَ كُلِّ قُرْءٍ وَتُصَلِّي جَازَ لَهَا وَإِلَّا فَلَا قَالَ عَلِيٌّ قَالُونُ قَالَ وَقَالُونُ بِلِسَانِ الرُّومِ أَحْسَنْتَ فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَشْهَدْنَ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ إِسْمَاعِيلُ رَدَّ هَذِهِ الْقِصَّةِ إِلَى مُوَافَقَةِ مَذْهَبِهِ وَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ إِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ عَادَتُهَا قبل الطَّلَاق واليه الْإِشَارَة ب قَوْله أَقْرَاؤُهَا وَهُوَ بِالْمَدِّ جَمْعُ قُرْءٍ أَيْ فِي زَمَانِ الْعِدَّةِ مَا كَانَتْ أَيْ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَوِ ادَّعَتْ فِي الْعِدَّةِ مَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهَا لَمْ يُقْبَلْ وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَوْلُهُ وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي النَّخَعِيَّ أَيْ قَالَ بِمَا قَالَ عَطَاءٌ وَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ نَحْوَهُ وَرَوَى الدَّارِمِيُّ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِي شَهْرٍ أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثَلَاثَ حِيَضٍ فَذَكَرَ نَحْوَ أَثَرِ شُرَيْحٍ وَعَلَى هَذَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْبُخَارِيِّ وَبِهِ يَعُودُ عَلَى أَثَرِ شُرَيْحٍ أَوْ فِي النُّسْخَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ أَوْ لِإِبْرَاهِيمَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ قَوْلُهُ وَقَالَ عَطَاءٌ إِلَخْ وَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ أَقْصَى الْحَيْضِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَدْنَى الْحَيْضِ يَوْمٌ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ أَدْنَى وَقْتِ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَأَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَ عَشْرَةَ قَوْله وَقَالَ مُعْتَمر يَعْنِي بن سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُعْتَمِرٍ

[325] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ هُوَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَيُّوبَ الْهَرَوِيُّ يُكَنَّى أَبَا الْوَلِيدِ وَهُوَ حَنَفِيُّ النَّسَبِ لَا الْمَذْهَبِ وَقِصَّةُ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ الِاسْتِحَاضَةِ وَمُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ قَوْلِهِ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا فَوَكَّلَ ذَلِكَ إِلَى أَمَانَتِهَا وَرَدَّهُ إِلَى عَادَتِهَا وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَقَلِّ الطُّهْرِ وَنَقَلَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَكْثَرَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجْتَمِعُ أَقَلُّ الطُّهْرِ وَأَقَلُّ الْحَيْضِ مَعًا فَأَقَلُّ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ عِنْدَهُ سِتُّونَ يَوْمًا وَقَالَ صَاحِبَاهُ تَنْقَضِي فِي تِسْعَة

الصفحة 425