كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

وبايعته تَحت الشَّجَرَة فَقَالَ يَا بن أخي إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أحدثنا بعده وَإِنَّمَا أَرَادَ البُخَارِيّ مِنْهُ إِثْبَات كَون الْبَراء بَايع تَحت الشَّجَرَة وَقد أخرج من حَدِيث أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمٌ الْحُدَيْبِيَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة أَو أَكثر الحَدِيث وبيعة الشَّجَرَة كَانَت فِي الْحُدَيْبِيَة فصح أَنه مَا أخرج لَهُ إِلَّا مَا توبع عَلَيْهِ خَ د س عِيسَى بن طهْمَان الْجُشَمِي أَبُو بكر الْبَصْرِيّ من صغَار التَّابِعين وَثَّقَهُ أَحْمد وبن معِين وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو حَاتِم وَيَعْقُوب بن سُفْيَان وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيرهم وَقَالَ الْعقيلِيّ لَا يُتَابع وَلَعَلَّه أَتَى من خَالِد بن عبد الرَّحْمَن يَعْنِي الرَّاوِي عَنهُ وَهُوَ كَمَا ظن الْعقيلِيّ وَأما بن حبَان فأفحش القَوْل فِيهِ فِي كتاب الضُّعَفَاء فَقَالَ ينْفَرد بِالْمَنَاكِيرِ عَن أنس كَأَنَّهُ كَانَ يُدَلس عَن أبان بن أبي عَيَّاش وَيزِيد الرقاشِي عَنهُ وَلَا يجوز الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ ثمَّ لم يسق لَهُ إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا والآفة فِيهِ مِمَّن دونه قلت وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى حديثين أَحدهمَا فِي التَّوْحِيد عَن خَلاد بن يحيى عَنهُ عَن أنس فِي تَزْوِيج زَيْنَب بنت جحش وَله عِنْده طرف من حَدِيث ثَابت وَغَيره وَالْآخر أوردهُ فِي اللبَاس وَفِي الْخمس من طَرِيقين عَنهُ عَن أنس أَنه أخرج لَهُم نَعْلَيْنِ جرداوين قَالَ عِيسَى فحدثنا ثَابت بعد أَنَّهُمَا نَعْلَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... حرف الْغَيْن ع غَالب الْقطَّان أَبُو سُلَيْمَان الْبَصْرِيّ قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل ثِقَة ثِقَة وَوَثَّقَهُ بن معِين وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو حَاتِم وبن سعد وَغَيرهم وَأما بن عدي فَذكره فِي الضُّعَفَاء وَأورد لَهُ أَحَادِيث الْحمل فِيهَا على الرَّاوِي عَنهُ عمر بن مُخْتَار الْبَصْرِيّ وَهُوَ من عَجِيب مَا وَقع لِابْنِ عدي والكمال لله وَقد احْتج بِهِ الْجَمَاعَة وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ سوى حَدِيثه عَن بكير بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن أنس فِي السُّجُود على الثَّوْب وَله عِنْد البُخَارِيّ مَوضِع آخر مُعَلّق عَن بن سِيرِين ... حرف الْفَاء ع فراس بن يحيى الْهَمدَانِي الْكُوفِي صَاحب الشّعبِيّ مَشْهُور وَثَّقَهُ أَحْمد وَيحيى بن معِين وَالنَّسَائِيّ وَالْعجلِي وبن عمار وَآخَرُونَ وَقَالَ يَعْقُوب بن شيبَة ثِقَة فِي حَدِيثه لين وَقَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان مَا أنْكرت من حَدِيثه إِلَّا حَدِيث الِاسْتِبْرَاء قلت كفى بهَا شَهَادَة من مثل بن الْقطَّان وَقد احْتج بِهِ الْجَمَاعَة وَحَدِيثه فِي الِاسْتِبْرَاء لم يُخرجهُ الشَّيْخَانِ ع الْفضل بن دُكَيْن أَبُو نعيم الْكُوفِي أحد الْأَثْبَات قرنه أَحْمد بن حَنْبَل فِي التثبت بِعَبْد الرَّحْمَن بن مهْدي وَقَالَ إِنَّه كَانَ أعلم بالشيوخ من وَكِيع وَقَالَ مرّة كَانَ أقل خطأ من وَكِيع وَالثنَاء عَلَيْهِ فِي الْحِفْظ والتثبت يكثر إِلَّا أَن بعض النَّاس تكلم فِيهِ بِسَبَب التَّشَيُّع وَمَعَ ذَلِك فصح أَنه قَالَ مَا كتبت عَليّ الْحفظَة أَنِّي سببت مُعَاوِيَة احْتج بِهِ الْجَمَاعَة ع الْفضل بن مُوسَى السينَانِي الْمروزِي أحد الثِّقَات وَثَّقَهُ وَكِيع وبن الْمُبَارك وبن معِين وبن سعد وَجَمَاعَة وَقَالَ بن الْمَدِينِيّ فِي حَدِيثه مَنَاكِير وَقدم أَبَا تُمَيْلة عَلَيْهِ قلت لَيْسَ فِي البُخَارِيّ سوى ثَلَاثَة أَحَادِيث أَحدهَا فِي كتاب الْغسْل بمتابعة أبي حَمْزَة وَغَيره عَن الْأَعْمَش عَن سَالم عَن كريب عَن بن عَبَّاس عَن مَيْمُونَة وَالْآخر فِي الرقَاق عَن معَاذ بن أَسد عَنهُ عَن فُضَيْل بن غَزوَان عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة حَدِيث مَا بَين مَنْكِبي الْكَافِر مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام للراكب المسرع وَقد رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد
اسْتَعْظَمُوا نُزُولَهُمْ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ وَوَقَعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ فِي حَقِّ عَائِشَةَ مَا وَقَعَ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْمَغَازِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ مُنْذُ افْتُرِضَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إِلَّا بِوُضُوءٍ وَلَا يَدْفَعُ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُعَانِدٌ قَالَ وَفِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ آيَةُ التَّيَمُّمِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِي طَرَأَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْعِلْمِ حِينَئِذٍ حُكْمُ التَّيَمُّمِ لَا حُكْمُ الْوُضُوءِ قَالَ وَالْحِكْمَةُ فِي نُزُولِ آيَةِ الْوُضُوءِ مَعَ تَقَدُّمِ الْعَمَلِ بِهِ لِيَكُونَ فَرْضُهُ مَتْلُوًّا بِالتَّنْزِيلِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ آيَةِ الْوُضُوءِ نَزَلَ قَدِيمًا فَعَلِمُوا بِهِ الْوُضُوءَ ثُمَّ نَزَلَ بَقِيَّتُهَا وَهُوَ ذِكْرُ التَّيَمُّمِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَإِطْلَاقُ آيَةِ التَّيَمُّمِ عَلَى هَذَا مِنْ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْبَعْضِ لَكِنَّ رِوَايَةَ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الَّتِي قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخْرَجَهَا فِي التَّفْسِيرِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ جَمِيعًا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ هَذِهِ مُعْضِلَةٌ مَا وَجَدْتُ لِدَائِهَا مِنْ دَوَاءٍ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ أَيَّ الْآيَتَيْنِ عَنَتْ عَائِشَة قَالَ بن بَطَّالٍ هِيَ آيَةُ النِّسَاءِ أَوْ آيَةُ الْمَائِدَةِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ هِيَ آيَةُ النِّسَاءِ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ آيَةَ الْمَائِدَةِ تُسَمَّى آيَةَ الْوُضُوءِ وَآيَةُ النِّسَاءِ لَا ذِكْرَ فِيهَا لِلْوُضُوءِ فَيُتَّجَهُ تَخْصِيصُهَا بِآيَةِ التَّيَمُّمِ وَأَوْرَدَ الْوَاحِدِيُّ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ ذِكْرِ آيَةِ النِّسَاءِ أَيْضًا وَخَفِيَ عَلَى الْجَمِيعِ مَا ظَهَرَ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا آيَةُ الْمَائِدَةِ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ لِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ إِذْ صَرَّحَ فِيهَا بِقَوْلِهِ فَنَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاة الْآيَةَ قَوْلُهُ فَتَيَمَّمُوا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ أَيْ فَتَيَمَّمَ النَّاسُ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِكَايَةً لِبَعْضِ الْآيَةِ وَهُوَ الْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طيبا بَيَانًا لِقَوْلِهِ آيَةُ التَّيَمُّمِ أَوْ بَدَلًا وَاسْتُدِلَّ بِالْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي التَّيَمُّمِ لِأَنَّ مَعْنَى فَتَيَمَّمُوا اقْصِدُوا كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَّا الْأَوْزَاعِيَّ وَعَلَى أَنَّهُ يَجِبُ نَقْلُ التُّرَابِ وَلَا يَكْفِي هُبُوبُ الرِّيحِ بِهِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ كَمَا لَوْ أَصَابَهُ مَطَرٌ فَنَوَى الْوُضُوءَ بِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَالْأَظْهَرُ الْإِجْزَاءُ لِمَنْ قَصَدَ التُّرَابَ مِنَ الرِّيحِ الْهَابَّةِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وعَلى تعين الصَّعِيدِ الطَّيِّبِ لِلتَّيَمُّمِ لَكِنِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالصَّعِيدِ الطَّيِّبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ قَرِيبًا وَعَلَى أَنَّهُ يَجِبُ التَّيَمُّمُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ وَسَنَذْكُرُ تَوْجِيهَهُ وَمَا يُرَدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ تَنْبِيهٌ لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا كَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ وَقَدْ رَوَى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ قِصَّتَهَا هَذِهِ فَبَيَّنَ ذَلِكَ لَكِنِ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَلَى عَمَّارٍ فِي الْكَيْفِيَّةِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَنُبَيِّنُ الْأَصَحَّ مِنْهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ قَوْلُهُ فَقَالَ أُسَيْدٌ هُوَ بِالتَّصْغِيرِ بن الْحضير بِمُهْملَة ثمَّ مُعْجمَة مُصَغرًا أَيْضًا وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الْأَنْصَارِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي الْمَنَاقِبِ وَإِنَّمَا قَالَ مَا قَالَ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَانَ رَأْسَ مَنْ بُعِثَ فِي طَلَبِ الْعِقْدِ الَّذِي ضَاعَ قَوْلُهُ مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ أَيْ بَلْ هِيَ مَسْبُوقَةٌ بِغَيْرِهَا مِنَ الْبَرَكَاتِ وَالْمُرَادُ بِآلِ أَبِي بَكْرٍ نَفْسُهُ وَأَهْلُهُ وَأَتْبَاعُهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ عَائِشَةَ وَأَبِيهَا وَتَكْرَارِ الْبَرَكَةِ مِنْهُمَا وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ وَفِي تَفْسِير إِسْحَاق البستي من طَرِيق بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا مَا كَانَ أَعْظَمَ بَرَكَةَ قِلَادَتِكِ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ الْآتِيَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ مِنْ أَمْرٍ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا وَفِي النِّكَاحِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بَعْدَ قِصَّةِ الْإِفْكِ فَيَقْوَى قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى تَعَدُّدِ ضَيَاعِ الْعِقْدِ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ الْإِخْبَارِيُّ فَقَالَ سَقَطَ عِقْدُ عَائِشَةَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَفِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَغَازِي فِي أَيِّ هَاتَيْنِ الْغَزَاتَيْنِ كَانَتْ أَوَّلًا وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ كَانَتْ قِصَّةُ التَّيَمُّمِ فِي غَزَاةِ الْفَتْحِ ثُمَّ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ

الصفحة 434