كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

وَمَا أَظن البُخَارِيّ أخرج لَهُ شَيْئا من أَفْرَاده عَن سُفْيَان وَالله أعلم ع مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ القَاضِي الْبَصْرِيّ أَبُو عبد الله من قدماء شُيُوخ البُخَارِيّ ثِقَة وَثَّقَهُ بن معِين وَغَيره وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل مَا يُضعفهُ عِنْد أهل الحَدِيث إِلَّا النّظر فِي الرَّأْي أما السماع فقد سمع وَقَالَ أَبُو حَاتِم لم أر من الْأَئِمَّة إِلَّا ثَلَاثَة أَحْمد بن حَنْبَل وَسليمَان بن دَاوُد الْهَاشِمِي والأنصاري وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِي كَانَ عَالما وَلم يكن من فرسَان الحَدِيث قلت أنكر عَلَيْهِ يحيى الْقطَّان وَغَيره حَدِيثه عَن حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتجم وَهُوَ صَائِم قَالَ بن الْمَدِينِيّ صَوَابه عَن مَيْمُون عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم تزوج مَيْمُونَة وَهُوَ محرم وَقَالَ أَبُو دَاوُد كَانَ قد تغير تغيرا شَدِيدا وَقَالَ أَحْمد ذهبت لَهُ كتب فَكَانَ يحدث من كتاب غُلَامه يَعْنِي فَكَأَنَّهُ دخل عَلَيْهِ حَدِيث فِي حَدِيث وروى لَهُ الْبَاقُونَ ع مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن شهَاب بن أخي الزُّهْرِيّ ذكره مُحَمَّد بن يحيى الذهلي فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ مَعَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق وفليح وَقَالَ إِنَّه وجد لَهُ ثَلَاثَة أَحَادِيث لَا أصل لَهَا أَحدهَا حَدِيثه عَن عَمه عَن سَالم عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا كل أمتِي معافى إِلَّا المجاهرين ثَانِيهَا بِهَذَا الْإِسْنَاد كَانَ إِذا خطب قَالَ كل مَا هُوَ آتٍ قريب مَوْقُوف ثَالِثهَا عَن امْرَأَته أم الْحجَّاج بنت الزُّهْرِيّ عَن أَبِيهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْكُل بكفه كلهَا مُرْسل وَقَالَ السَّاجِي تفرد عَن عَمه بِأَحَادِيث لم يُتَابع عَلَيْهَا كَأَنَّهُ يَعْنِي هَذِه أه وَقَالَ أَبُو دَاوُد ثِقَة سَمِعت أَحْمد يثني عَلَيْهِ وَأَخْبرنِي عَبَّاس عَن يحيى بالثناء عَلَيْهِ وَقَالَ يحيى بن معِين هُوَ أمثل من أبي أويس وَقَالَ مرّة لَيْسَ بذلك الْقوي وَمرَّة ضَعِيف وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَيْسَ بِقَوي يكْتب حَدِيثه قلت الذهلي أعرف بِحَدِيث الزُّهْرِيّ وَقد بَين مَا أنكر عَلَيْهِ فَالظَّاهِر أَن تَضْعِيف من ضعفه بِسَبَب تِلْكَ الْأَحَادِيث الَّتِي أَخطَأ فِيهَا وَلم أجد لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى أَحَادِيث قَليلَة أَحدهَا فِي الْأَضَاحِي عَن عَمه عَن سَالم عَن أَبِيه فِي النَّهْي عَن أكل لُحُوم الْأَضَاحِي بعد ثَلَاث وَهَذَا قد تَابعه عَلَيْهِ معمر عِنْد مُسلم وَغَيره وَالثَّانِي فِي وُفُود الْأَنْصَار عَن عَمه عَن أبي إِدْرِيس عَن عبَادَة بن الصَّامِت فِي الْمُتَابَعَة وَهُوَ عِنْده بمتابعة شُعَيْب وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ الثَّالِث فِي الْمَغَازِي فِي قصَّة الْحُدَيْبِيَة عَن عَمه عَن عُرْوَة عَن الْمسور ومروان بمتابعة سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَمعمر وَغَيرهمَا وَله عِنْده غير هَذِه مِمَّا توبع عَلَيْهِ مَوْصُولا ومعلقا وروى لَهُ الْبَاقُونَ ع مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب أحد الْأَئِمَّة الأكابر الْعلمَاء الثِّقَات لَكِن قَالَ بن الْمَدِينِيّ كَانُوا يوهنونه فِي الزُّهْرِيّ وَكَذَا وَثَّقَهُ أَحْمد وَلم يرضه فِي الزُّهْرِيّ وَرمي بِالْقدرِ وَلم يثبت عَنهُ بل نفى ذَلِك عَنهُ مُصعب الزبيرِي وَغَيره وَكَانَ أَحْمد يعظمه جدا حَتَّى قدمه فِي الْوَرع على مَالك وَإِنَّمَا تكلمُوا فِي سَمَاعه من الزُّهْرِيّ لِأَنَّهُ كَانَ وَقع بَينه وَبَين الزُّهْرِيّ شَيْء فَحلف الزُّهْرِيّ أَن لَا يحدثه ثمَّ نَدم فَسَأَلَهُ بن أبي ذِئْب أَن يكْتب لَهُ أَحَادِيث أرادها فكتبها لَهُ فلأجل هَذَا لم يكن فِي الزُّهْرِيّ بِذَاكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيره وَقد قَالَ عَمْرو بن عَليّ الفلاس هُوَ أحب إِلَيّ فِي الزُّهْرِيّ من كل شَامي انْتهى احْتج بِهِ الْجَمَاعَة وَحَدِيثه عَن الزُّهْرِيّ فِي البُخَارِيّ فِي المتابعات خَ د ت س مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الطفَاوِي من شُيُوخ أَحْمد بن حَنْبَل وَثَّقَهُ بن الْمَدِينِيّ وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق إِلَّا أَنه يهم أَحْيَانًا وَقَالَ بن معِين لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ أَبُو زرْعَة مُنكر الحَدِيث وَأورد لَهُ بن عدي عدَّة أَحَادِيث وَقَالَ إِنَّه لَا بَأْس بِهِ قلت لَهُ فِي البُخَارِيّ ثَلَاثَة أَحَادِيث لَيْسَ فِيهَا شَيْء مِمَّا استنكره بن عدي أَحدهمَا فِي الْبيُوع عَن أبي الْأَشْعَث عَنْهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالُوا إِن قوما يأتوننا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أذكروا اسْم الله عَلَيْهِ أم لَا قَالَ سموا الله عَلَيْهِ وكلوه وَتَابعه عِنْده أَبُو خَالِد الْأَحْمَر
أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَاسْتَدَلَّ بِهِ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى إِظْهَارِ كَرَامَةِ الْآدَمِيِّ وَقَالَ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ وَتُرَابٍ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَهُورٌ فَفِي ذَلِكَ بَيَانُ كَرَامَتِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ قَوْلُهُ بَابُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابا قَالَ بن رَشِيدٍ كَأَنَّ الْمُصَنِّفَ نَزَّلَ فَقْدَ شَرْعِيَّةِ التَّيَمُّمِ مَنْزِلَةَ فَقْدِ التُّرَابِ بَعْدَ شَرْعِيَّةِ التَّيَمُّمِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ حُكْمُهُمْ فِي عَدَمِ الْمُطَهِّرِ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ خَاصَّةً كَحُكْمِنَا فِي عَدَمِ الْمُطَهِّرَيْنِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ وَبِهَذَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمْ فَقَدُوا التُّرَابَ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُمْ فَقَدُوا الْمَاءَ فَقَطْ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ لِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ صَلَّوْا مُعْتَقِدِينَ وُجُوبَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتِ الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ مَمْنُوعَةً لَأَنْكَرَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْمُحَدِّثِينَ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ فَالْمَنْصُوصُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وُجُوبُهَا وَصَحَّحَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ فَلَمْ يُسْقِطِ الْإِعَادَةَ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ وَبِهِ قَالَ الْمُزنِيّ وَسَحْنُون وبن الْمُنْذِرِ لَا تَجِبُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الْبَابِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَبَيَّنَهَا لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ لَا تجب على الْفَوْر فَلَمْ يَتَأَخَّرِ الْبَيَانُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى وُجُوبِ الْإِعَادَةِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُمَا لَا يُصَلِّي لَكِنْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْمَدَنِيُّونَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الْأَرْبَعَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنِ الْقَدِيمِ تُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ وَبِهَذَا تَصِيرُ الْأَقْوَالُ خَمْسَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[336] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ وَكَذَا فِي قِصَّةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَإِنَّهُ أَوْرَدَهَا فِي الصَّلَاةِ وَالْهِجْرَةِ وَالْمَغَازِي بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْهُ وَلَمْ يَنْسُبْهُ وَأَعَادَهُ فِي التَّفْسِيرِ تَامًّا وَمِثْلُهُ فِي الصَّلَاة حَدِيث مر أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ وَكَذَا سَبَقَ فِي بَابِ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْبَرَازِ لَكِنْ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ لَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَعَادَهُ فِي التَّفْسِيرِ تَامًّا وَمِثْلُهُ فِي التَّفْسِيرِ حَدِيثُ عَائِشَةَ كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ وَفِي صِفَةِ إِبْلِيسَ حَدِيثُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ الْحَدِيثَ وَجَزَمَ الْكَلَابَاذِيُّ بِأَنَّهُ اللُّؤْلُؤيُّ الْبَلْخِيُّ

الصفحة 440