كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ بعد قصَّة يُونُس لِأَن يُونُس التقمه الْحُوت فَكَانَ ذَلِك بلوى لَهُ فَصَبر فنجا وَأُولَئِكَ ابتلوا بحيتان فَمنهمْ من صَبر فنجا وَمِنْهُم من تعدى فعذب وَذكر لُقْمَان بعد سُلَيْمَان إِمَّا لِأَنَّهُ عِنْده نَبِي وَإِمَّا لِأَنَّهُ من جملَة أَتبَاع دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَذكر مَرْيَم لِأَنَّهَا عِنْده نبيه ثمَّ ذكر بعد الْأَنْبِيَاء أَشْيَاء من الْعَجَائِب الْوَاقِعَة فِي زمن بني إِسْرَائِيل ثمَّ ذكر الْفَضَائِل والمناقب الْمُتَعَلّقَة بِهَذِهِ الْأمة وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاء مَعَ ذَلِك وَبَدَأَ بِقُرَيْش لِأَن بلسانهم أنزل الْكتاب وَلما ذكر أسلم وغفارا ذكر قَرِيبا مِنْهُ إِسْلَام أبي ذَر لِأَنَّهُ أول من أسلم من غفار ثمَّ ذكر أَسمَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وشمائله وعلامات نبوته فِي الْإِسْلَام ثمَّ فَضَائِل أَصْحَابه وَلما كَانَ الْمُسلمُونَ الَّذين اتَّبعُوهُ وسبقوا إِلَى الْإِسْلَام هم الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار والمهاجرون مقدمون فِي السَّبق ترْجم مَنَاقِب الْمُهَاجِرين ورأسهم أَبُو بكر الصّديق فَذكرهمْ ثمَّ أتبعهم بمناقب الْأَنْصَار وفضائلهم ثمَّ شرع بعد ذكر مَنَاقِب الصَّحَابَة فِي سِيَاق سيرهم فِي إعلاء كلمة الله تَعَالَى مَعَ نَبِيّهم فَذكر أَولا أَشْيَاء من أَحْوَال الْجَاهِلِيَّة قبل الْبعْثَة الَّتِي أزالت الْجَاهِلِيَّة ثمَّ ذكر أَذَى الْمُشْركين للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه ثمَّ ذكر أَحْوَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة إِلَى الْحَبَشَة ثمَّ الْهِجْرَة إِلَى الْحَبَشَة وأحوال الْإِسْرَاء وَغير ذَلِك ثمَّ الْهِجْرَة إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة ثمَّ سَاق الْمَغَازِي على تَرْتِيب مَا صَحَّ عِنْده وَبَدَأَ بِإِسْلَام بن سَلام تفاؤلا بالسلامة فِي الْمَغَازِي ثمَّ بعد إِيرَاد الْمَغَازِي والسرايا ذكر الْوُفُود ثمَّ حجَّة الْوَدَاع ثمَّ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ وَمَا قبض صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا وشريعته كَامِلَة بَيْضَاء نقية وَكتابه قد كمل نُزُوله فأعقب ذَلِك بِكِتَاب التَّفْسِير ثمَّ ذكر عقب ذَلِك فَضَائِل الْقُرْآن ومتعلقاته وآداب تِلَاوَته وَكَانَ مَا يتَعَلَّق بِالْكتاب وَالسّنة من الْحِفْظ وَالتَّفْسِير وَتَقْرِير الْأَحْكَام يحصل بِهِ حفظ الدّين فِي الأقطار واستمرار الْأَحْكَام على الْأَعْصَار وَبِذَلِك تحصل الْحَيَاة الْمُعْتَبرَة أعقب ذَلِك بِمَا يحصل بِهِ النَّسْل والذرية الَّتِي يقوم مِنْهَا جيل بعد جيل يحفظون أَحْوَال التَّنْزِيل فَقَالَ كتاب النِّكَاح ثمَّ أعقبه بِالرّضَاعِ لما فِيهِ من متعلقات التَّحْرِيم بِهِ ثمَّ ذكر مَا يحرم من النِّسَاء وَمَا يحل ثمَّ أرْدف ذَلِك بالمصاهرة وَالنِّكَاح الْحَرَام وَالْمَكْرُوه وَالْخطْبَة وَالْعقد وَالصَّدَاق وَالْوَلِيّ وَضرب الدُّف فِي النِّكَاح والوليمة والشروط فِي النِّكَاح وَبَقِيَّة أَحْوَال الْوَلِيمَة ثمَّ عشرَة النِّسَاء ثمَّ أردفه كتاب الطَّلَاق ثمَّ ذكر أنكحه الْكفَّار وَلما كَانَ الْإِيلَاء فِي كتاب الله مَذْكُورا بعد نِكَاح الْمُشْركين ذكره البُخَارِيّ عقبه ثمَّ ذكر الظِّهَار وَهُوَ فرقة مُؤَقَّتَة ثمَّ ذكر اللّعان وَهُوَ فرقة مُؤَبّدَة ثمَّ ذكر الْعدَد والمراجعة ثمَّ ذكر حكم الْوَطْء من غير عقد لما فرغ من تَوَابِع العقد الصَّحِيح فَقَالَ مهر الْبَغي وَالنِّكَاح الْفَاسِد ثمَّ ذكر الْمُتْعَة وَلما انْتَهَت الْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة بِالنِّكَاحِ وَكَانَ من أَحْكَامه أَمر يتَعَلَّق بِالزَّوْجِ تعلقا مستمرا وَهُوَ النَّفَقَة ذكرهَا وَلما انْقَضتْ النَّفَقَات وَهِي من المأكولات غَالِبا أرْدف كتاب الْأَطْعِمَة وأحكامها وآدابها ثمَّ كَانَ من الْأَطْعِمَة مَا هُوَ خَاص فَذكر الْعَقِيقَة وَكَانَ ذَلِك مِمَّا يحْتَاج فِيهِ إِلَى ذبح فَذكر الذَّبَائِح وَكَانَ من الْمَذْبُوح مَا يصاد فَذكر أَحْكَام الصَّيْد وَكَانَ من الذّبْح مَا يذبح فِي الْعَام مرّة فَقَالَ كتاب الْأَضَاحِي وَكَانَت المآكل تعقبها المشارب فَقَالَ كتاب الْأَشْرِبَة وَكَانَت المأكولات والمشروبات قد يحصل مِنْهَا فِي الْبدن مَا يحْتَاج إِلَى طَبِيب فَقَالَ كتاب الطِّبّ وَذكر تعلقات الْمَرَض وثواب الْمَرَض وَمَا يجوز أَن يتداوى بِهِ وَمَا يجوز من الرقي وَمَا يكره مِنْهَا وَيحرم وَلما انْقَضى الْكَلَام على المأكولات والمشروبات وَمَا يزِيل الدَّاء الْمُتَوَلد مِنْهَا أرْدف بِكِتَاب اللبَاس والزينة وَأَحْكَام ذَلِك وَالطّيب وأنواعه وَكَانَ كثير مِنْهَا يتَعَلَّق بآداب النَّفس فأردفها بِكِتَاب الْأَدَب وَالْبر والصلة والاستئذان وَلما كَانَ السَّلَام والاستئذان سَببا لفتح الْأَبْوَاب السفلية أردفها بالدعوات الَّتِي هِيَ فتح الْأَبْوَاب العلوية وَلما كَانَ الدُّعَاء سَبَب الْمَغْفِرَة ذكر الاسْتِغْفَار وَلما
وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ حُسَيْنٍ عَنْ شَيْبَانَ وَقَدْ حَمَلَ الْجُمْهُورُ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالنَّهْيَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى التَّنْزِيهِ وَعَنْ أَحْمَدَ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فَتَرَكَهُ جَعَلَهُ مِنَ الشَّرَائِطِ وَعَنْهُ تَصِحُّ وَيَأْثَمُ جَعَلَهُ وَاجِبًا مُسْتَقْبِلًا وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ ظَاهِرُ النَّهْيِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى جَوَازِ تَرْكِهِ كَذَا قَالَ وَغَفَلَ عَمَّا ذَكَرَهُ بَعْدَ قَلِيلٍ عَنِ النَّوَوِيِّ مِنْ حِكَايَةِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ أَحْمَدَ وَقَدْ نَقَلَ بن الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَدَمَ الْجَوَازِ وَكَلَامُ التِّرْمِذِيِّ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْخِلَافِ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ قَبْلُ بِبَابٍ وَعَقَدَ الطَّحَاوِيُّ لَهُ بَابًا فِي شَرْحِ الْمَعَانِي وَنَقَلَ الْمَنْعَ عَن بن عُمَرَ ثُمَّ عَنْ طَاوُسٍ وَالنَّخَعِيِّ وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَن بن وهب وبن جَرِيرٍ وَجَمَعَ الطَّحَاوِيُّ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُصَلِّيَ مُشْتَمِلًا فَإِنْ ضَاقَ اتَّزَرَ وَنَقَلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وُجُوبَ ذَلِكَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافُهُ وَاسْتَدَلَّ الْخَطَّابِيُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي ثَوْبٍ كَانَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ وَهِيَ نَائِمَةٌ قَالَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّرَفَ الَّذِي هُوَ لَابِسُهُ مِنَ الثَّوْبِ غَيْرُ مُتَّسِعٍ لِأَنْ يَتَّزِرَ بِهِ وَيَفْضُلُ مِنْهُ مَا كَانَ لِعَاتِقِهِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَالظَّاهِرُ مِنْ تَصَرُّفِ الْمُصَنِّفِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَيَجِبُ وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَلَا يَجِبُ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْهُ على العاتق وَهُوَ اخْتِيَار بن الْمُنْذِرِ وَبِذَلِكَ تَظْهَرُ مناسبةُ تَعْقِيبِهِ بِبَابٍ إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا قَوْلُهُ

[361] فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ عَيَّنَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ جَابِرٍ غَزْوَةُ بُوَاطٍ وَهُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَهِيَ مِنْ أَوَائِلِ مَغَازِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ لِبَعْضِ أَمْرِي أَيْ حَاجَتِي وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَرْسَلَهُ هُوَ وَجَبَّارَ بْنَ صَخْرٍ لِتَهْيِئَةِ الْمَاءِ فِي الْمَنْزِلِ قَوْلُهُ مَا السُّرَى أَيْ مَا سَبَبُ سُرَاكَ أَيْ سَيْرِكَ فِي اللَّيْلِ قَوْلُهُ مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ كَأَنَّهُ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الِاشْتِمَالُ الَّذِي أَنْكَرَهُ هُوَ أَنْ يُدِيرَ الثَّوْبَ عَلَى بَدَنِهِ كُلِّهِ لَا يُخْرِجُ مِنْهُ يَدَهُ قُلْتُ كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَفْسِيرِ الصَّمَّاءِ عَلَى أَحَدِ الْأَوْجُهِ لَكِنْ بَيَّنَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ الْإِنْكَارَ كَانَ بِسَبَبِ أَنَّ الثَّوْبَ كَانَ ضَيِّقًا وَأَنَّهُ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَتَوَاقَصَ أَيِ انْحَنَى عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ طَرَفَيِ الثَّوْبِ لَمْ يَصِرْ سَاتِرًا فَانْحَنَى لِيَسْتَتِرَ فَأَعْلَمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَأَمَّا إِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْأَصْلِيَّ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالِائْتِزَارِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّوَاقُصِ الْمُغَايِرِ لِلِاعْتِدَالِ الْمَأْمُورِ بِهِ قَوْلُهُ كَانَ ثَوْبٌ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَكَرِيمَةَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ وَلِغَيْرِهِمَا بِالنَّصْبِ أَيْ كَانَ الْمُشْتَمِلُ بِهِ ثَوْبًا زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ضَيِّقًا

الصفحة 472