كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

يجلس غَدا فِي مَوضِع كَذَا فَلَمَّا كَانَ الْغَد حضر المحدثون والحفاظ وَالْفُقَهَاء والنظارة حَتَّى اجْتمع قريب من كَذَا كَذَا ألف نفس فَجَلَسَ أَبُو عبد الله للإملاء فَقَالَ قبل أَن يَأْخُذ فِي الْإِمْلَاء يَا أهل الْبَصْرَة أَنا شَاب وَقد سَأَلْتُمُونِي أَن أحدثكُم وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِأَحَادِيث عَن أهل بلدكم تستفيدونها يَعْنِي لَيست عنْدكُمْ قَالَ فتعجب النَّاس من قَوْله فَأخذ فِي الْإِمْلَاء فَقَالَ حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أبي رواد الْعَتكِي ببلدكم قَالَ حَدثنِي أبي عَن شُعْبَة عَن مَنْصُور وَغَيره عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن أنس بن مَالك أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ الْحَدِيثَ ثمَّ قَالَ هَذَا لَيْسَ عنْدكُمْ عَن مَنْصُور إِنَّمَا هُوَ عنْدكُمْ عَن غير مَنْصُور قَالَ يُوسُف بن مُوسَى فأملى عَلَيْهِم مَجْلِسا من هَذَا النسق يَقُول فِي كل حَدِيث روى فلَان هَذَا الحَدِيث عنْدكُمْ كَذَا فَأَما من رِوَايَة فلَان يَعْنِي الَّتِي يَسُوقهَا فَلَيْسَتْ عنْدكُمْ وَقَالَ حَمْدَوَيْه بن الْخطاب لما قدم البُخَارِيّ قَدمته الْأَخِيرَة من الْعرَاق وتلقاه من تَلقاهُ من النَّاس وازدحموا عَلَيْهِ وبالغوا فِي بره قيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ كَيفَ لَو رَأَيْتُمْ يَوْم دخولنا الْبَصْرَة كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى قصَّة دُخُوله الَّتِي ذكرهَا يُوسُف بن مُوسَى أنبئت عَن أبي نصر بن الشِّيرَازِيّ عَن جده أَن الْحَافِظ أَبَا الْقَاسِم بن عَسَاكِر أخْبرهُم أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن أبي صَالح أَنبأَنَا أَبُو بكر بن خلف أخبرنَا الْحَاكِم أَبُو عبد الله ح وقرأته عَالِيا على أبي بكر الفرضي عَن الْقَاسِم بن مظفر أخبرنَا عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ عَن الْحَافِظ أبي الْفضل بن نَاصِر وَأبي الْفضل الميهني قَالَا أخبرنَا أَبُو بكر بن خلف قَالَ بن نَاصِر إجَازَة أخبرنَا الْحَاكِم قَالَ حَدثنِي أَبُو سعيد احْمَد بن مُحَمَّد النسوي حَدثنِي أَبُو حسان مهيب بن سليم سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ يَقُول اعتللت بنيسابور عِلّة خَفِيفَة وَذَلِكَ فِي شهر رَمَضَان فعادني إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي نفر من أَصْحَابه فَقَالَ لي أفطرت يَا أَبَا عبد الله فَقلت نعم فَقَالَ يَعْنِي تعجلت فِي قبُول الرُّخْصَة فَقلت أخبرنَا عَبْدَانِ عَن بن الْمُبَارك عَن بن جريج قَالَ قلت لعطاء من أَي الْمَرَض أفطر قَالَ من أَي مرض كَانَ كَمَا قَالَ الله عز وَجل فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا قَالَ البُخَارِيّ لم يكن هَذَا عِنْد إِسْحَاق وَقَالَ مُحَمَّد بن أبي حَاتِم الْوراق سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يَقُول لَو نشر بعض أستاري هَؤُلَاءِ لم يفهموا كَيفَ صنفت البُخَارِيّ وَلَا عرفوه ثمَّ قَالَ صنفته ثَلَاث مَرَّات وَقَالَ أحيد بن أبي جَعْفَر وإلي بُخَارى قَالَ لي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يَوْمًا رب حَدِيث سمعته بِالْبَصْرَةِ كتبته بِالشَّام وَرب حَدِيث سمعته بِالشَّام كتبته بِمصْر فَقلت لَهُ يَا أَبَا عبد الله بِتَمَامِهِ فَسكت وَقَالَ سليم بن مُجَاهِد قَالَ لي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل لَا أجيء بِحَدِيث عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ إِلَّا عرفت مولد أَكْثَرهم ووفاتهم ومساكنهم وَلست أروي حَدِيثا من حَدِيث الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ يَعْنِي من الْمَوْقُوفَات إِلَّا وَله أصل أحفظ ذَلِك عَن كتاب الله وَسنة رَسُوله وَقَالَ عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَاصِم البيكندي قدم علينا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فَقَالَ لَهُ رجل من أَصْحَابنَا سَمِعت إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه يَقُول كَأَنِّي أنظر إِلَى سبعين ألف حَدِيث من كتابي فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل أَو تعجب من هَذَا القَوْل لَعَلَّ فِي هَذَا الزَّمَان من ينظر إِلَى مِائَتي ألف ألف من كِتَابه وَإِنَّمَا عني نَفسه وَقَالَ مُحَمَّد بن حَمْدَوَيْه سَمِعت البُخَارِيّ يَقُول أحفظ مائَة ألف حَدِيث صَحِيح وأحفظ مِائَتي ألف حَدِيث غير صَحِيح قَالَ وراقه سمعته يَقُول مَا نمت البارحة حَتَّى عددت كم أدخلت فِي تصانيفي من الحَدِيث فَإِذا نَحْو مِائَتي ألف حَدِيث وَقَالَ أَيْضا لَو قيل لي تمن لما قُمْت حَتَّى أروي عشرَة آلَاف حَدِيث فِي الصَّلَاة خَاصَّة وَقَالَ أَيْضا قلت لَهُ تحفظ جَمِيع مَا أدخلت فِي مصنفاتك فَقَالَ لَا يخفي عَليّ جَمِيع مَا فِيهَا وصنفت جَمِيع كتبي ثَلَاث مَرَّات قَالَ وَبَلغنِي أَنه شرب البلاذر فَقلت لَهُ مرّة فِي خلْوَة هَل من دَوَاء للْحِفْظ فَقَالَ لَا أعلم ثمَّ أقبل عَليّ فَقَالَ لَا أعلم شَيْئا أَنْفَع للْحِفْظ
وَهِيَ ابْنةُ عَمِّهِ أَسْلَمَتْ وَبَايَعَتْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُرَادَةَ لَكِنْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَن بن عُيَيْنَةَ فَقَالَ مَوْلًى لِبَنِي بَيَاضَةَ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الدَّلَائِلِ لِأَبِي مُوسَى الْمَدِينِيِّ نَقْلًا عَنْ جَعْفَرٍ المُسْتَغْفِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي أَسْمَاءِ النِّسَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ عُلَاثَةُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ ثُمَّ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ وَفِيهِ أَرْسَلَ إِلَى عُلَاثَةَ امْرَأَةً قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ فَقَدْ قَالَ أَبُو مُوسَى صَحَّفَ فِيهِ جَعْفَرٌ أَوْ شَيْخُهُ وَإِنَّمَا هُوَ فُلَانَةُ انْتَهَى وَوَقَعَ عِنْدَ الْكِرْمَانِيِّ قِيلَ اسْمُهَا عَائِشَةُ وَأَظُنُّهُ صَحَّفَ الْمُصْحَفَ وَلَوْ ذَكَرَ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى ثُمَّ وَجَدْتُ فِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَيَخْطُبُ إِلَيْهَا وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهَا فَأَمَرَتْ عَائِشَةُ فَصَنَعَتْ لَهُ مِنْبَرَهُ هَذَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ لَمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ عَائِشَةَ هِيَ الْمُرَادَةُ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ هَذَا إِلَّا بِتَعَسُّفٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْغَرَضُ مِنْ إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَفِيهِ جَوَازُ اخْتِلَافِ مَوْقِفِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الْعُلْوِّ وَالسُّفْلِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي حِكَايَتِهِ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَلِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ بَحْثٌ فَإِنَّهُ قَالَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِارْتِفَاعِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ التَّعْلِيمِ لَمْ يَسْتَقِمْ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَلِانْفِرَادِ الْأَصْلِ بِوَصْفٍ مُعْتَبر تَقْتَضِي الْمُنَاسبَة اعْتِبَاره فَلَا بَدو مِنْهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ قَوْلُهُ قَالَ فَقُلْتُ أَيْ قَالَ عَلِيٌّ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَوْلُهُ فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ لَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ لَمْ يسمع هَذَا الحَدِيث من بن عُيَيْنَةَ وَقَدْ رَاجَعْتُ مُسْنَدَهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ أَخْرَجَ فِيهِ عَن بن عُيَيْنَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَ سَهْلٍ كَانَ الْمِنْبَرُ مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ فَقَطْ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي قَوْلِهِ فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ لَا جَمِيعُ الْحَدِيثِ لَا بَعْضُهُ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا وَهُوَ صَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ فَلِذَلِكَ سَأَلَ عَنْهُ عَلِيًّا وَلَهُ عِنْدَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الصَّلَاة على الْخشب وَذكره ذَلِك الْحسن وبن سِيرِين أخرجه بن أبي شيبَة عَنْهُمَا وَأخرج أَيْضا عَن بن مَسْعُود وبن عُمَرَ نَحْوَهُ وَعَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ لَبِنَةً لِيَسْجُدَ عَلَيْهَا إِذَا رَكِبَ السَّفِينَةَ وَعَنِ بن سِيرِينَ نَحْوُهُ وَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ

[378] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ هُوَ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِصَاعِقَةَ قَوْلُهُ عَنْ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَوْلُهُ فَجُحِشَتْ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا شِينٌ مُعْجَمَةٌ وَالْجَحْشُ الْخَدْشُ أَوْ أَشَدُّ مِنْهُ قَلِيلًا قَوْلُهُ سَاقَهُ أَوْ كَتِفَهُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَفِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ عِنْدَ

الصفحة 487