كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 1)

وَقَدْ يُشْعِرُ بِحَمْلِ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ وَاتَّخِذُوا عَلَى تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِرَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى وُجُوبِ ذَلِكَ خَلْفَ الْمَقَامِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَكَانِهِ فِي الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

[397] قَوْلُهُ عَن سيف هُوَ بن سُلَيْمَان أَو بن أبي سُلَيْمَان الْمَكِّيّ قَوْله أَتَى بن عُمَرَ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ وَأَجِدُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَأَقْبَلْتُ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلسِّيَاقِ أَنْ يَقُولَ وَوَجَدْتُ وَكَأَنَّهُ عَدَلَ عَنِ الْمَاضِي إِلَى الْمُضَارِعِ اسْتِحْضَارًا لِتِلْكَ الصُّورَةِ حَتَّى كَأَنَّ الْمُخَاطَبَ يُشَاهِدُهَا قَوْلُهُ قَائِمًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَيْ الْمِصْرَاعَيْنِ وَحَمَلَهُ الْكِرْمَانِيُّ تَجْوِيزًا عَلَى حَقِيقَةِ التَّثْنِيَةِ وَقَالَ أَرَادَ بِالْبَابِ الثَّانِي الَّذِي لَمْ تَفْتَحْهُ قُرَيْشٌ حِينَ بَنَتِ الْكَعْبَةَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوْ كَانَ إِخْبَارُ الرَّاوِي بِذَلِكَ بعد أَن فَتحه بن الزبير وَهَذَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون بن عُمَرَ وَجَدَ بِلَالًا فِي وَسَطِ الْكَعْبَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ وَفِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ بَيْنَ النَّاسِ بِنُونٍ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَهِيَ أَوْضَحُ قَوْلُهُ قَالَ نَعَمْ رَكْعَتَيْنِ أَيْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيره هَذَا مَعَ أَن الْمَشْهُور عَن بن عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى قَالَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِالْكَيْفِيَّةِ وَهِيَ تَعْيِينُ الْمَوْقِفِ فِي الْكَعْبَةِ وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالْكَمِّيَّةِ وَنَسِيَ هُوَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهَا وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَن يُقَال يحْتَمل أَن بن عُمَرَ اعْتَمَدَ فِي قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ رَكْعَتَيْنِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُتَحَقِّقِ لَهُ وَذَلِكَ أَنَّ بِلَالًا أَثْبَتَ لَهُ أَنَّهُ صَلَّى وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَفَّلَ فِي النَّهَارِ بِأَقَلَّ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَكَانَتِ الرَّكْعَتَانِ مُتَحَقِّقًا وُقُوعُهُمَا لِمَا عُرِفَ بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ عَادَتِهِ فعلى هَذَا فَقَوله رَكْعَتَيْنِ من كَلَام بن عُمَرَ لَا مِنْ كَلَامِ بِلَالٍ وَقَدْ وَجَدْتُ مَا يُؤَيّد هَذَا وَيُسْتَفَاد مِنْهُ جمعا آخَرُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ مَكَّةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَن بن عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَاسْتَقْبَلَنِي بِلَالٌ فَقُلْتُ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَا هُنَا فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَيْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى فَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ نَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ لَفْظًا وَلَمْ يُجِبْهُ لَفْظًا وَإِنَّمَا اسْتَفَادَ مِنْهُ صَلَاةَ الرَّكْعَتَيْنِ بِإِشَارَتِهِ لَا بِنُطْقِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ هَلْ زَادَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ أَوْ لَا وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ بن عُمَرَ نَسِيَ أَنْ يَسْأَلَ بِلَالًا ثُمَّ لَقِيَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَسَأَلَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْقِصَّةَ وَهِيَ سُؤال بن عُمَرَ عَنْ صَلَاتِهِ فِي الْكَعْبَةِ لَمْ تَتَعَدَّدْ لِأَنَّهُ أَتَى فِي السُّؤَالِ بِالْفَاءِ الْمُعَقِّبَةِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ مَعًا فَقَالَ فِي هَذِهِ فَأَقْبَلْتُ ثُمَّ قَالَ فَسَأَلْتُ بِلَالًا وَقَالَ فِي الْأُخْرَى فَبَدَرْتُ فَسَأَلْتُ بِلَالًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ وَاحِدًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ثَانِيهُمَا أَن رَاوِي قَول بن عُمَرَ وَنَسِيتُ هُوَ نَافِعٌ مَوْلَاهُ وَيَبْعُدُ مَعَ طُولِ مُلَازَمَتِهِ لَهُ إِلَى وَقْتِ مَوْتِهِ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى حِكَايَةِ النِّسْيَانِ وَلَا يَتَعَرَّضَ لِحِكَايَةِ الذِّكْرِ أَصْلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ أَنَّ قَوْلَهُ رَكْعَتَيْنِ غَلَطٌ مِنْ يَحْيَى بن سعيد الْقطَّان لِأَن بن عُمَرَ قَدْ قَالَ نَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ

الصفحة 500