كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 2)
"""""" صفحة رقم 11 """"""
صارت ثانية وهي زائدة أشبهت ألف فاعل . يعني أنها أشبهت بكونها ثانية وهي زائدة ألف " ضاربٍ " فقيل نويس ، كما قيل ضويرب .
وقال سلمة بن عاصم ، وكان من أصحاب الفراء : الأشبه في القياس أن يكون كلُّ واحد منهما أصلاً بنفسه فأناس من الأنس ، وناس من النوس لقولهم في تحقيره نويس كبويب في تحقير باب . هذا ما قاله ابن الشجريّ في أماليه .
وذهب أبو عمرو الشَّيبانيّ : أنه مشتق من الإيناس ، الذي هو بمعنى الإبصار ؛ وحجته قوله تعالى : " إنِّي آنسْت ناراً " أي أبصرت نارا .
وذهب الكوفيون إلى أنه مشتق من النِّسيان ، وحجتهم أن أصله إنسيان . فحذفت الياء تخفيفاً وفتحت السين لأن الألف تطلب فتح ما قبلها . ولأن العرب حين صغرته قالت فيه أُنيْسيان ، فزادت الياء . والتصغير يردّ الأشياء إلى أصولها ، ولو لم تكن في المكبر لما رُدَّت في المصغَّر . وبه أخذ أبو تمام في قوله :
لا تنْسينْ تلك العهود فإنما . . . سُمِّيت إنساناً لأنك ناسي
وأنكر البصريون ذلك ، وقالوا : لا حجة فيه ، لأن العرب قد صغرت أشياء على غير قياس كما قالوا في تصغير رجل بمعنى راجل رُويْجل ، وفي تصغير ليلة لُيَيْلة . وفي تصغير عشيّة عُشَيْشة .
وقال ابن عباس : إنما سمي الإنسان إنساناً لأنه عُهد إليه فنسي .
وهذا هو الأرجح والله تعالى أعلم .