كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 2)
"""""" صفحة رقم 18 """"""
وقيل لأبي مسلم ، صاحب الدعوة : ما السرور ؟ قال : ركوب الهمالجة ، وقتل الجبابرة . وقيل له : ما اللذة ؟ قال : إقبال الزمان ، وعزُّ السلطان .
وأما النفس البهيمية ، فهمُّ صاحبها طلب الراحة . وانهماك النفس على الشهوة من الطعام والشراب والنكاح .
وعلى هذه الطبيعة البهيمية قسمت الفُرْسُ دهرها كلَّه ، فقالوا : يوم المطر للشرب ، ويوم الريح للنوم ، ويوم الدّجْن للصيد ، ويوم الصَّحو للجلوس .
قيل : ولما بلغ ابن خالويه ما قسمته الفرس من أيامها قال : ما كان أعرفهم بسياسة دنياهم " يعْلَمُون ظَاهراً مِنَ الْحَياة الدُّنْيا وهُمْ عَنِ الآخرة هُمْ غافلُون " .
ولكنَّ نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) جزَّأ نهاره ثلاثة أجزاء : جزءاً لله ، وجزءاً لأهله ، وجزءاً لنفسه ؛ ثم جزَّأ جزأه بينه وبين الناس ، فكان يستعين بالخاصة على العامة ، ويقول : " أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغي . فإنه من أبلغ حاجة من لا يستطيع ، آمنه الله يوم الفزع الأكبر " .
قالوا : والطبيعة البهيمية هي أغلب الطبائع على الإنسان : لأخذها بمجامع هواه ، وإيثار الراحة وقلة العمل .
ومن ذلك قولهم : الرأى نائم ، والهوى يقظان ؛ وقولهم : الهوى إلهٌ معبودٌ .