كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 27 """"""
وقيل : دخل أبو دُلف على المأمون وعنده جارية له ، وكان أبو دلف قد ترك الخضاب ، فأشار المأمون إلى الجارية فقالت له : شبْت يا أبا دُلف ، إنا لله وإنا إليه راجعون . فسكت عنها أبو دلف ، فقال له المأمون : أجبها ، فقال :
تهزَّأت إذ رأت شيْبي فقلتُ لها : . . . لا تهزئي من يطُلْ عمرٌ به يشيبِ
شيبُ الرجال لهم زيْنٌ ومكْرُمةٌ ، . . . وشيبُكن لكُنَّ الويل فاكتئبي
فينا لكُنَّ وإن شيب بدا أربٌ ، وليس فيكُنَّ بعد الشَّيب من أربِ
وقال آخر :
أهلاً وسهلاً بالمشيب ومرحباً ، . . . أهلاً به من وافدٍ ونزيلِ
أهْدي الوقار وذاد كلَّ جهالة . . . كانت ، وساق إليّ كلَّ جميلِ .
فصحبت في أهل التقى أهل النهى . . . ولقيت بالتعظيم والتبجيلِ .
ورأى لي الشُّبَّان فضل جلالةٍ . . . لما اكتهلت ، وكنت غير جليلِ .
فإذا رأوْني مقبلاً ، نهضوا معاً : . . . فِعلُ المقرِّ لهيبة التفضيلِ .
إن قلت ، كنت مصدقاً في منطقي ، . . . ماضي المقالة حاضر التعديلِ .
وقال مسلم بن الوليد :
الشيب كُرهٌ ، وكُرهٌ أن يُفارقني . . . اعجب لشيءٍ على البغضاء مودود .
وقال عليّ بن محمد الكوفيّ :
بكى للشَّيب ، ثم بكى عليه . . . وكان أعزَّ من فقد الشَّبابِ .
فقلْ للشَّيب : لا تبْرحْ حميداً . . . إذا نادى شبابك بالذهابِ .

الصفحة 27