كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 30 """"""
وقال غيره : الشيب نذير الموت .
وقد ورد في بعض التفاسير في قوله تبارك وتعالى " وجاءكم النَّذير " . قيل : هو الشيب .
وقال أعرابيّ : كنت أُنكر البيضاء ، فصرت أُنكر السوداء ؛ فيا خيْر مبدول ويا شرّ بدل .
وقيل للنبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) : عجَّل عليك الشيب يا رسول الله ، قال : " شيَّبتني هودٌ وأخواتها " . قيل : هي عبس ، والمرسلات ، والنازعات .
وقيل لعبد الملك بن مروان : عجَّل عليك الشيب يا أمير المؤمنين ، قال : شيبني ارتقاء المنابر وتوقُّع اللحن .
وقال بعضهم : خرجت إلى ناحية الطُّفاوة ، فإذا أنا بامرأة لم أر أجمل منها ، فقلت : أيتها المرأة ، إن كان لك زوج فبارك الله له فيك ، وإلا فأعلميني . قال فقالت : وما تصنع بي ؟ وفيّ شيء لا أراك ترتضيه . قلت : وما هو ؟ قالت : شيبٌ في رأسي . قال : فثنيت عنان دابتي راجعاً ، فصاحت بي : على رسلك ، أخبرك بشيْ ، فوقفت وقلت : وما هو ، يرحمك الله ؟ قالت : والله ما بلغت العشرين بعد ، وهذا رأسي فكشفت عن عناقيد كالحمم ، وقالت : والله ما رأيت برأسي بياضاً قطُّ ، ولكن أحببت أن تعلم أنّا نكره منك ما تكره منا ، وأنشدت :
أرى شيب الرِّجال من الغواني . . . بموضع شيبهنّ من الرجال
قال : فرجعت خجلاً ، كاسف البال .
قال أبو تمام :
غدا الشيب مختطاً بفوْديّ خطةً . . . سبيل الرَّدى منها إلى النفس مهيعُ .

الصفحة 30