كتاب موسوعة الألباني في العقيدة (اسم الجزء: 2-3)

بتفصيل لوازم هذه الكلمة الطيبة بالإخلاص لله عز وجل في العبادات بكل أنواعها، لأن الله عز وجل لما حكى عن المشركين قوله: { ... مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ... } (الزمر: 3)، جعل كل عبادة توجه لغير الله كفراً بالكلمة الطيبة: لا إله إلا الله؛ لهذا؛ أنا أقول اليوم: لا فائدة مطلقاً من تكتيل المسلمين ومن تجميعهم، ثم تركهم في ضلالهم دون فهم هذه الكلمة الطيبة، وهذا لا يفيدهم في الدنيا قبل الآخرة! نحن نعلم قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه حرم الله بدنه على النار» وفي رواية أخري: «دخل الجنة» (¬1). فيمكن ضمان دخول الجنة لمن قالها مخلصاً حتى لو كان بعد لأيٍ وعذاب يمس القائل، والمعتقد الاعتقاد الصحيح لهذه الكلمة، فإنه قد يعذب بناءً على ما ارتكب واجترح من المعاصي والآثام، ولكن سيكون مصيره في النهاية دخول الجنة، وعلى العكس من ذلك؛ من قال هذه الكلمة الطيبة بلسانه، ولما يدخل الإيمان إلى قلبه؛ فذلك لا يفيده شيئاً في الآخرة، قد يفيده في الدنيا النجاة من القتال ومن القتل إذا كان للمسلمين قوة وسلطان، وأما في الآخرة فلا يفيد شيئاً إلا إذا كان قائلاً لها وهو فاهم معناها أولاً، ومعتقداً لهذا المعنى ثانياً؛ لأن الفهم وحده لا يكفي إلا إذا اقترن مع الفهم الإيمان بهذا المفهوم، وهذه النقطة؛ أظن أن أكثر الناس عنها غافلون! وهي: لا يلزم من الفهم الإيمان بل لا بد أن يقترن كل من الأمرين مع الآخر حتى يكون مؤمناً، ذلك لأن كثيراً من أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا يعرفون أن محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - رسول صادق فيما يدعيه من الرسالة والنبوة، ولكن مع هذه المعرفة التي شهد لهم بها ربنا عز وجل حين قال:
¬_________
(¬1) حديث صحيح: رواه أحمد (5/ 236)، وابن حبان (4) زوائد، وصححه الألباني في الصحيحة (3355). [منه].

الصفحة 15