كتاب موسوعة الألباني في العقيدة (اسم الجزء: 2-3)

التي تحكم بغير ما أنزل الله! فصرفهم هذا عن الأهم واشتغلوا بما ليس مهما ً في هذه الظروف القائمة الآن.
أما ما جاء في السؤال عن كيفية براءة ذمة المسلم أو مساهمته في تغيير هذا الواقع الأليم؛ فنقول: كل من المسلمين بحسبه، العالم منهم يجب عليه ما لا يجب على غير العالم، وكما أذكر في مثل هذه المناسبة: أن الله عز وجل قد أكمل النعمة بكتابه، وجعله دستوراً للمؤمنين به، من ذلك أن الله تعالى قال: { ... فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (الانبياء: 7) فالله سبحانه وتعالى قد جعل المجتمع الإسلامي قسمين: عالماً، وغير عالم، وأوجب على كل منهما مالم يوجبه على الآخر، فعلى الذين ليسوا بعلماء أن يسألوا أهل العلم، وعلى العلماء أن يجيبوهم عما سئلوا عنه، فالواجبات-من هذا المنطلق-تختلف باختلاف الأشخاص، فالعالم اليوم عليه أن يدعوا إلى دعوة الحق في حدود الاستطاعة، وغير العالم عليه أن يسأل عما يهمه بحق نفسه أو من كان راعياً؛ كزوجة أو ولد أو نحوه، فإذا قام المسلم -من كلا الفريقين-بما يستطيع؛ فقد نجا، لأن الله عز وجل يقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} (البقرة: 286).
نحن-مع الأسف نعيش في مأساة ألمت بالمسلمين، لا يعرف التاريخ لها مثيلاً، وهو تداعي الكفار على المسلمين، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في مثل حديثه المعروف والصحيح: «تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها»، قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: «لا، أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله الرهبة من صدور عدوكم لكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن»،

الصفحة 25