كتاب موسوعة الألباني في العقيدة (اسم الجزء: 2-3)

تبارك وتعالى وحينذاك تكون قد أخللت بهذه الشهادة، ولم تؤمن بها حق الإيمان.
كل مسلم اليوم من يصلى، لا تصح صلاته إلا إذا قرأ فاتحة الكتاب كما تعلمون.
فهو في أوله يخاطب ربه بقوله عز وجل: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة:5).
كثير من الناس يفهمون أنه لا يجوز عبادة غير الله، وهذا هو الأصل الأول من هذه الكلمة الطيبة التي يجب على المسلم أن يفهمها، ولكن لا ينتبهون إلى أن تمام الآية {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
إنها تعني: أن الاستعانة بغير الله عز وجل تناقض عبادة الله وحده لا شريك له؛ ولذلك فحينما نسمع بعض الناس أو نراهم يستعينون في الشدائد ببعض الصالحين، أو الأولياء أو الأنبياء، وهم يعلمون أنهم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً؛ حينئذ لا يكونون قد فهموا معنى: لا إله إلا الله؛ بينما أنكروها على رسول الله، وقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (ص: 5).
الفرق بين المسلمين اليوم والمشركين قديماً وحديثاً: أن المشركين، أعني بهم: العرب خاصة كانوا يفهمون معنى هذه الشهادة ولكن لا يؤمنون بها، أما المسلمون اليوم فالقليل منهم من يفهمها، ويؤمن بها حقاً، كثير منهم يشهدون بألسنتهم، ولكن كما قال تعالى في بعض الأعراب: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ في قُلُوبِكُمْ} (الحجرات: 14).
والإيمان لا يتسرب إلى قلب المؤمن إلا بشيئين اثنين:

الصفحة 41