كتاب موسوعة الألباني في العقيدة (اسم الجزء: 2-3)

هؤلاء المشركين الذين اتخذوا من دون الله أولياء إذا سئلوا: لماذا تعبدونهم من دون الله، قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}.
إذاً: هم يؤمنون بأن المعبود الحق هو واحد لا شريك له في العبادة، ولكنهم من ضلالهم أنهم اتخذوا من بعض الصالحين أولياء يعبدونهم، يتوجهون إليهم بالدعاء والاستغاثة والركوع والسجود، لماذا؟
هم أجابوا بأنفسهم وألسنتهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}.
فإذاً: المشركون الذين كانوا في عهد الرسول عليه السلام ما كان الخلاف بينهم وبين الرسول هو في أن الخالق واحد والرازق واحد، والمحيي واحد، والمميت واحد، هذا كانوا يؤمنون به، ولكن الخلاف كان في أنهم عبدوا غير الله عز وجل، خضعوا لغير الله عز وجل، فأشركوا مع الله في العبادة، وليس في الربوبية، ولذلك وصل ضلال هؤلاء المشركين إلى أنهم كانوا إذا طافوا بالبيت وهذا الطواف ورثوه من أبيهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ثم دخلهم الشرك، فكان قائلهم يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً تملكه أنت وما ملك.
لك شريك لكن هذا الشريك هو مملوك لك، وما معه أيضاً مملوك لك.
إذاً: فالمشركون كفروا بتوحيد الألوهية، بتوحيد العبادة وليس بتوحيد الربوبية، ولهذا في القرآن الكريم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (الصافات: 35)، أما الآية السابقة: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (لقمان: 25)، ... قالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (ص: 5).

الصفحة 72