كتاب الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي (اسم الجزء: 2)

واخْتُلِف في لوْن الماء على ثلاثة أقوالٍ:
أحدها: أنَّ لَوْنَه: أَسْودُ، لحديثِ عائشة: "إلَّا الأَسْوَدَان التَمر والَماء". (¬1)
والثاني: أَنَّ لَوْنَه: أَبْيَضُ، لحديثٍ: "الكَوْثَر ماؤه أَشدُّ بياضاً من اللَّبن". (¬2)
والثالث: أَنَّه لاَ لَوْنَ لَهُ.
رُدَّ الأَوَّل: بأَنَّ قول عائشة من باب التَغْلِيب، (¬3) وهو أَنْ يُطْلَق اسم الأَفْضَل على المفْضُول، كقولهم: "رأيت القَمَرين"، وإِنما هو القمر والشمس، لأَنَّ اسْمَ الُمذكَّر أَفْضَل وهو القمر، وفي القرآن ذلك كثيرٌ.
كقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}، (¬4) وقوله: {فلَمَّا
¬__________
(¬1) هذا جزء من حديث أخرجه البخاري في الهبة: 5/ 197، باب الهبة وفضلها والتحريض عليها رقم (2567)، ومسلم في الزهد والرقائق: 4/ 2283، باب 53 رقم (30)، وهو عند الترمذي في كتاب تفسير القرآن: 5/ 448، باب ومن سورة التكاثر حديث (3356)، وابن ماجه يا الزهد: 2/ 1388، باب معيشة آل محمد - صلى الله عليه وسلم - حديث (4145)، وأحمد في السند: 1/ 164.
(¬2) هذا جزء من حديث طويل أخرجه البخاري في الرقائق: 11/ 463، باب في الحوض حديث (6579)، كما أخرجه مسلم في الفضائل: 4/ 1799، باب إِثبات حوض نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - حديث (36)، والترمذي في صفة القيامة: 4/ 629، باب ما جاء لا صفة أواني الحوض حديث (2444)، وابن ماجه في الزهد: 2/ 1438، باب ذكر الحوض، حديث (4303)، وأحمد في المسند: 1/ 399.
(¬3) قال ابن الأثير في النهاية: 2/ 419: "أما التمر فأسود وهو الغالب على تمر المدينة، فأضيف الماء إِليه، ونُعِت بِنَعته إِتَباعاً، والعرب تفعل ذلك في الشيئين يصطحبان فَيُسمَّيان معاً باسم الأشهر منهما، كالقمرين، والعمرين".
(¬4) سورة النساء، الآية 11.

الصفحة 33