كتاب غريب الحديث لابن قتيبة (اسم الجزء: 2)

ذكره أَبُو عُبَيْدَة وَقَالَ تَفْسِيره فِي الحَدِيث: انه مَا لَا يغطى. قَالَ: وَيُقَال هُوَ نَبَات يكون بِالْيمن لَا يحْتَاج آكله إِلَى شرب المَاء عَلَيْهِ وَلم أزل لهَذَا التَّفْسِير مُنْكرا لِأَنَّهُ سَأَلَهُ عَن شرابهم فَأَجَابَهُ بِذكر النَّبَات والنبات لَا يجوز أَن يكون شرابًا وان كَانَ صَاحبه يَسْتَغْنِي مَعَ أكله عَن شرب المَاء إِلَّا على وَجه من الْمجَاز ضَعِيف وَهُوَ أَن يكون صَاحبه لَا يشرب المَاء فَيُقَال ان ذَلِك شرابه لِأَنَّهُ يقوم مقَام شرابه فَيجوز أَن يكون قَالَ هَذَا ان كَانَت الحن لَا تشرب شرابًا أصلا.
وَأما التَّفْسِير الَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث فَإِنَّهُ لَا يُوَافقهُ اللَّفْظ. وَبَلغنِي عَن بعض أَصْحَاب اللُّغَة انه كَانَ يَقُول: الجدف زبد الشَّرَاب ورغوة اللَّبن وَغَيره. سمي جدفا من موضِعين: أَحدهمَا لِأَنَّهُ يجدف عَن الشَّرَاب أَي: يقطع ويلقى إِلَّا الأَرْض والجدف والجذف وَاحِد. وَمِنْه يُقَال: قَمِيص مجدوف الكمين أَي مقطوعهما وقصيرهما يَقُول: جذفت الشَّيْء جذفا اذا قطعته. وَاسم مَا انْقَطع: جذف كَمَا تَقول: نفضت الشَّجَرَة نفضا وَاسم مَا سقط إِلَى الأَرْض مِنْهَا نفض وخبطتها خبطا وَاسم مَا سقط من وَرقهَا إِلَى الأَرْض: خبط.
والموضع الآخر ان الشَّرَاب يجدف أَي: يُحَرك فرتفع الرغوة فَمَا ارْتَفع مِنْهَا جدف. لِأَنَّهُ على الجدف كَانَ كَمَا مثلت لَك.

الصفحة 39