كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 3)
وباعث آخر معنوي، وهو تبعيد إيهام التعظيم؛ فإنه يتوهم تعظيم المخاطبين؛ لأنهم مسلمون، بخلاف آبائهم المشركين، والله أعلم.
وهناك أجوبة أخرى عن الحديثين، منها: الطعن في زيادة «وأبيه» في الأول، وزيادة «أما وأبيك لتنبأنه» في الثاني بتفرد بعض الرواة بهما.
وفي مسند أحمد: ثنا إسماعيل (¬١)، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي إسحاق (¬٢)، قال: حدثني رجلٌ من غفارٍ في مجلس سالم بن عبد الله، حدثني فلان أن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أتي بطعامٍ من خبزٍ ولحمٍ، فقال: «ناولني الذراع»، فَنُووِل ذراعًا فأكلها، قال يحيى: لا أعلمه إلا هكذا، ثم قال: «ناولني الذراع»، فَنُووِل ذراعًا فأكلها، ثم قال: «ناولني الذراع»، فقال: يا رسول الله، إنما هما ذراعان، فقال: «وأبيك، لو سكتَّ ما زلتُ أناوَلُ منها ذراعًا ما دعوتُ به»، فقال سالم: أمَّا هذه فلا، سمعت عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقول: «إن الله تبارك وتعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم» (¬٣).
فأنكر سالم بن عبد الله بن عمر هذه الزيادة، وهو سلفٌ لمن أنكرها في الحديثين السابقين، ويمكن تأويلها في هذا الحديث بمثل ما تقدَّم، كأن
---------------
(¬١) هو ابن عُليَّة.
(¬٢) كذا في الأصل وفي أكثر نسخ المسند، والصواب: يحيى بن أبي إسحاق. كما في بعض نسخه وإتحاف المهرة. انظر: المسند - ط الرسالة- ح ٥٠٨٩، إتحاف المهرة ٨/ ٤٢٨، ح ٩٧٠٣. وقد رواه النسائيّ على الصواب. انظر: سنن النسائيّ، كتاب الأيمان والنذور، ٧/ ٤. تحفة الأشراف ٥/ ٤١٦، ح ٧٠٣٤.
(¬٣) المسند ٢/ ٤٨. [المؤلف]