كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 2)
ربَّك" على معنى هل تستطيع سؤال ربِّك (¬١)، ومنهم من أغرب فحمل (يستطيع) على معنى (يريد) أو (يجيب). وقد تردَّد ابن جريرٍ في ذلك، ثم قرَّر "أنَّ القوم كانوا قد خالط قلوبهم مرض وشك في دينهم وتصديق رسولهم" (¬٢).
أقول: وأنا لا أرتضي قوله: "مرضٌ" فإن مجرَّد الشكِّ والتردُّد وضعف اليقين لا يسمى مرضًا حتى يكون معه خبثٌ وعنادٌ وبغضٌ للحقِّ، ومثل هذا يمنع الاهتداء، كما قال تعالى في المنافقين: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: ١٠].
قال الراغب: "ويُشبَّه النفاق والكفر ونحوهما من الرذائل بالمرض إما لكونها مانعةً عن إدراك الفضائل كالمرض المانع للبدن من التصرُّف الكامل ... " (¬٣).
[ز ٣٠] ومن الناس من تأوَّل الآية (¬٤)، ثم قال: إنما أراد القوم الطمأنينة كحال إبراهيم عليه السلام فيما قصَّه الله تبارك وتعالى من حاله بقوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ
---------------
(¬١) هذه القراءة ليست شاذَّةً، بل قرأ بذلك الكسائيُّ من القرَّاء السبعة، وهي قراءةٌ متواترةٌ. انظر: السبعة لابن مجاهدٍ ٢٤٩، النشر في القراءات العشر لابن الجزريِّ ٢/ ٢٥٦.
(¬٢) تفسيره ٧/ ٧٨ - ٧٩. [المؤلف]
(¬٣) المفردات ص ٧٦٥.
(¬٤) يعني قوله تعالى: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.