كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 2)
"تصرفًا في غير ملكه" وانظر كيف يصير الكلام، وراجع ما قدَّمناه في كمال عدل الله تعالى يوم القيامة.
وقال غيرهم: هو: "أن ينقص عبده من حاقِّ ثوابه أو يعذبه بغير ذنب" (¬١)، قالوا: وما يُشَاهَدُ في الدنيا من إيلام الأطفال والمعتوهين والبهائم، فكل ذلك مطابق لحكمة الله عزَّ وجلَّ وعدله، فإن لم نعرف وَجْهَ ذلك في بعضها فعدم العلم ليس علمًا بالعدم {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥].
وغلت القدرية وتجارت بها أهواؤها حتى جحدت علم الله تعالى بالحوادث قبل حدوثها (¬٢)، وربما ضاق الأمر على بعضها فأنكر آيات من القرآن كما سلف عن عمرو بن عبيد (¬٣)، وأحجمت المعتزلة عن هذا الغلوِّ ولكنها تطرَّفت من جهاتٍ:
منها: قولهم: إن العقل يحكم بأن الظلم قبيحٌ محرَّمٌ على الله تعالى، ويحكم بأنه سبحانه ليس له أن يتصرَّف في ملكه إلا بالعدل (¬٤)، وغير ذلك
---------------
(¬١) وهو قول أهل السنَّة، انظر: شرح الطحاويَّة ٢/ ٦٧٩ - ٦٨١، وقد قال ابن عباس في قوله تعالى: {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} قال: لا يخاف ابن آدم يوم القيامة أن يُظْلَم فيُزاد عليه في سيئاته، ولا يُظْلَم فيُهْضَم في حسناته. أخرجه الطبريُّ في تفسيره (١٨/ ٣٧٩) من طريق علي بن أبي طلحة عنه. وورد نحوه عن مجاهد وقتادة والحسن. انظر: تفسير الطبري (١٨/ ٣٨٠)، الدُّرّ المنثور ٥/ ٦٠١.
(¬٢) انظر: مجموع الفتاوى ٨/ ٤٥٠، شفاء العليل، الباب ٢١، ص ٣٩٣.
(¬٣) ص ٢٩، ٣٢.
(¬٤) انظر: مجموع الفتاوى ٨/ ٩١.