كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 2)

فصلٌ
ومما يبيِّن فظاعة الشرك وشدَّة بغض الله عزَّ وجلَّ له: النظر فيما ورد في تعظيم شأن ضدِّه وهو التوحيد.
قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦].
جاء عن ابن عبَّاسٍ وغيره تفسير العبادة بالتوحيد (¬١). ووَجْه ذلك: أن الله عزَّ وجلَّ يحبُّ أن يُعبد العبادة التي يقبلها، وهو لا يقبل إلا العبادة الخالصة التي لا شرك معها.
[٢٥] ومما يبيِّن عظمة شأن التوحيد وشدَّة خطر الشرك: أن أعظم سورة في القرآن، والسورة التي تعدل ثلثه، وإنما هي بضع عشرة كلمة، والسورة التي ورد أنها تعدل ربعه، وأعظم آية في القرآن= كلُّها مبنيَّةٌ على توحيد العبادة.
أما أعظم سورة في القرآن فأمُّ الكتاب.
روى البخاريُّ وغيره عن أبي سعيد بن المعلَّى أن النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال له: "ألا أعلِّمك أعظم سورةٍ في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ "، فأخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج، قلت: يا رسول الله، إنك قلت: لأعلِّمنَّك أعظم سورةٍ من القرآن، قال: " {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" (¬٢).
---------------
(¬١) أخرجه الطبري في تفسيره ١/ ٣٨٥، وابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٥٩ - ٦٠ كلاهما من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (اعبدوا ربكم) أي: وحِّدوا ربكم ..
(¬٢) صحيح البخاريِّ، [كتاب] فضائل القرآن، باب [فضل] فاتحة الكتاب، ٦/ ١٨٧، ح ٥٠٠٦. [المؤلف]

الصفحة 37