كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 2)

ومقرِّبة إليه، فكانوا يعبدون الكواكب على أنها أحياء تنفعهم فيما يدخل تحت تدبيرها، وتشفع لهم إلى الله عزَّ وجلَّ في غير ذلك.
قال صاحب التفسير المذكور (¬١): "وقصارى الأمر وحماداه (¬٢) أن هؤلاء الصابئين كانوا أوَّلًا يعبدون الله، ولله ملائكة موكَّلون بالكواكب، فالله هو المعبود، والملائكة يعملون [س ٩٠/أ] بأمره، والكواكب كأنها أجسام تلك الأرواح، فعبادة الملك يتقربون بها إلى الله، والكوكب حجابه أو جسمه أو نحو ذلك، فهو رمزه، والتماثيل في الأرض مذكِّرات بالكواكب إذا غابت عنهم؛ إذًا العبادة (¬٣) في نظرهم كلها راجعات إلى الله كما قال تعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣] , فإذا عبدوا زُحَلًا (¬٤) أو المشتري فقد أرادوا بذلك أنهما ملكان ثم اعتبروا الكواكب ثم التماثيل. اهـ.
وبَعَثَه على هذا القول أن القوم كانوا يعترفون بالله عزَّ وجلَّ، واسمه عندهم: (إل) (¬٥).
وقد جاء عن السلف أن (إيل) بالسريانيَّة ــ وهي لغة القوم ــ اسمٌ لله عزَّ وجلَّ. وجاء عن ابن عبَّاسٍ أن معناه: الرحمن (¬٦). وربما يساعد هذا قولُ [س ٩٠/ب] إبراهيم عليه السلام لأبيه: {يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ
---------------
(¬١) ١٠/ ٢٠٨. [المؤلف]
(¬٢) قصارى الأمر وحماداه: غايته. انظر: القاموس المحيط: ٣٥٥.
(¬٣) كذا في الأصل، ونقله المؤلف في موضع آخر بلفظ الجمع، وهو الصواب.
(¬٤) كذا في الأصل.
(¬٥) ذكره [طنطاوي جوهري] في [تفسيره الجواهر، ج ١٠] ص ٢٠٥. [المؤلف]
(¬٦) انظر ما سيأتي ص ٦٧٨.

الصفحة 457