كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 2)
[التحريم: ٣]، {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التوبة: ٩٤]، فإن جاء خلاف هذا ففيه حذف، كقول الحاجب للمستأذن: قد نبَّأْتُ الأميرَ بك، فإن أصله قد نبَّأتُ الأمير بوقوفك أو بحضورك أو نحو ذلك.
وعلى هذا فالمنبَّأ به في الآية هو العلم بأن له تعالى شركاء، فالمعنى: أتنبِّؤون الله بالعلم بأنَّ له شركاء، وهو لا يعلم هذا العلم موجودًا في الأرض عندكم ولا عند غيركم، كما إذا قيل لك: متى تقوم الساعة؟ فتقول: هذا العلمُ لا يعلمه الله تعالى في الأرض، تريد أنه لا يوجد في الأرض.
الوجه الثاني للباء: أن تكون هي التي بمعنى (مع) أي أتنبِّئون الله بأن له شركاء مع علمٍ. فهذا العلم غير موجود في الأرض عندكم، ولا عند غيركم، {أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} أي بمجرد ما قاله آباؤكم، والآية من باب قوله تعالى: {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأنعام: ١٤٣]، ولعلَّ هذا الوجه أولى، وعلى كلٍّ فليس في الآية دليل على أن المراد بالشركاء هنا الأصنام.
ويؤيد هذا قوله {قُلْ سَمُّوهُمْ}، والمراد به ــ فيما قيل ــ تعجيزهم، أي: إنه لا أسماء لهم، والأصنام معروفة الأسماء عندهم.
فإن قلت: سيأتي في تفسير آيات النجم ما ينافي هذا. قلت: المعنى هنا ــ والله أعلم ــ سمُّوهم تسمية مستندة إلى علمٍ، وما في آيات النجم تسمية خَرْصيَّة.
وعلى هذا، فالظاهر أنَّ (¬١) المراد بالشركاء في الآية الأشخاص الخيالية. والله أعلم.
---------------
(¬١) كُتب في الأصل بعد هذا علامة إلحاق، ثم كتب "وعليه فالظاهر أنّ"، وهو تكرار لما سبق.