كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 2)

المشركين إنما كانوا يرجون شفاعة الملائكة، وقد بيَّن الله عزَّ وجلَّ في عدَّة آيات صفات الملائكة الشريفة، وبيَّن في عدَّة آيات أنهم لا يسمعون دعاء المشركين، وأنهم غافلون عنه، وبذلك تكون القرينة على الحذف ظاهرة. وهنا جواب آخر لعله أقوى من هذا, وهو أنَّ المراد لا يملكون شيئًا ملكًا ذاتيًّا، أي بغير تمليك الله سبحانه إيَّاهم ولا يعقلون عقلًا ذاتيًّا أي غير موهوب لهم من الله عزَّ وجلَّ، والملائكة كذلك. والمعنى يؤيِّده، فإنَّ المدار على إثبات أنهم لا يستحقُّون العبادة، واستحقاق العبادة إنما يكون بالقدرة الذاتيَّة، فأمَّا القدرة الموهوبة من الله فإنها لا تفيد في استحقاق العبادة، فإنَّ بني آدم أنفسهم يملكون ما ملَّكهم الله تعالى ويعقلون بعقلٍ موهوب لهم منه، ولم يستحقوا العبادة، ومثل هذا المعنى كثير في القرآن مِنْ نفي الملك (والضرِّ والنفع) (¬١) الذاتي.
وبعد هذا قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ... قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦) قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [المائدة: ٧٣ - ٧٧].
وقال سبحانه: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي .... } [سبأ: ٢٢ - ٢٣] والسياق يدل (أن) (¬٢) المراد الملائكة.
---------------
(¬١) لم تظهر هاتان الكلمتان والمثبت اجتهاد مني.
(¬٢) لم تظهر هذه الكلمة.

الصفحة 502