كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 2)

مِنْ قَبْلُ شَيْئًا} بأن المراد منه نفي الدعاء أصلًا، وأنهم يجحدون شركهم، وقد يؤيد ذلك قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}، {انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: ٢٢ - ٢٤]، والأول أرجح؛ لأن قولهم: {ضَلُّوا عَنَّا} اعتراف بأنهم كانوا يدعون، والإنكار عقب الاعتراف لا يخلو عن بُعد، بخلاف حَمْلِ قولهم: {بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا}، على (¬١)؛ إذ ليس فيه إنكار وإنما فيه اعتراف آخر، وكأنهم قالوا: إنَّ الذين كنا ندعوهم لا وجود لهم هنا، بل لا وجود لهم أصلًا. والله أعلم.
[س ١٤٠/أ] وقال تبارك وتعالى: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ... وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: ٣٥ - ٣٨].
يعني والله أعلم: لو فُرض أنَّ تلك الإناث التي تزعمون موجودة هل في قدرتها إبطال مراد الله تعالى؟ والمقصود من هذا الفرض إلزامهم؛ فإنهم كانوا يعترفون بأنَّ الله تعالى هو الذي يجير ولا يجار عليه. فإذا اعترفوا بذلك بطل تخويفهم للنبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم, ... (¬٢).
[س ١٤٠/ب] مع أنه يلزم منه عدم استحقاق تلك الإناث للعبادة، فأما القصد إلى إبطال استحقاقهنَّ العبادة وإلى إبطال وجودهنَّ فقد بيَّنه الله تعالى
---------------
(¬١) كلمتان أو ثلاث أصابها بلل.
(¬٢) بعده سطر أصابه بلل ظهر منه: "هذا تعالى لهذا".

الصفحة 540