كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 3)

عبد الله رأى في عنقي خيطًا، فقال: ما هذا؟ فقلت: خيط رُقِي لي فيه، قالت: فأخذه وقطعه، ثم قال: أنتم آل عبد الله أغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الرُّقى والتمائم والتِّوَلَةَ شركٌ»، فقلت: لم تقول هكذا؟ لقد [٤١٠] كانت عيني تقذف (¬١)، وكنت أختلف إلى فلانٍ اليهوديِّ، فإذا رقاها سكنت، فقال عبد الله: إنما ذلك عمل الشيطان، كان ينخسها بيده، فإذا رقى كفَّ عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أذهب البأس ربَّ الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا». وسيأتي تخريج هذا الحديث وبسط الكلام عليه في بحث الرقى (¬٢)، إن شاء الله تعالى.
قلت: وقد عظمت المصيبة بهذا الأمر، فتجد كثيرًا من أهل الخير والصلاح يُعْرِض عن كتاب الله تعالى والأذكار المأثورة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ويواظب على الأحزاب والأوراد المنقولة عن بعض المشهورين بالصلاح اعتمادًا على فضائل ومنافع ذُكِرت لتلك الأحزاب والأوراد، ولو استغنى بكتاب الله عزَّ وجلَّ وبالأذكار الثابتة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لكان خيرًا له؛ فإن الفضائل التي تُذكَر لتلك الأحزاب والأوراد ليست مما يُعتمَد عليه؛ لأنها من زعم رجلٍ من أفراد الأمَّة، ليست ثابتةً عن الله عزَّ وجلَّ ولا عن رسوله - صلى الله عليه وسلم -، على أنَّ كثيرًا منها ينكرها الشرع إذا عرفتَ حقيقة الشرع، ولبعضها هيئاتٌ تدخل في البدع المنكرة، ولعلَّك إذا تدبَّرت رسالتي هذه علمتَ أن الأمر أشدُّ من ذلك، والله المستعان.
---------------
(¬١) بصيغة المفعول، أي: تُرمى بما يهيج الوجع. وبصيغة الفاعل، أي: تَرمي بالرَّمَص ــ وهو ما جمد من الوسخ في مؤخَّر العين ــ أو الدمع ــ وهو ماء العين ــ من الوجع. انظر: عون المعبود ١٠/ ٣٦٨.
(¬٢) انظر: ص ٩٥٥.

الصفحة 670