كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 3)
كذا قال: «ومعادُهم»، ولم يُرِد به البعثَ بعد الموت؛ لقوله: «إن الرجل كان ينكره».
أقول: حاصل كلامهم (¬١) أن فرعون أراد بقوله: {رَبُّكُمُ} أي: مَلِكُكم، وهو معنىً معروفٌ في اللغة، وقد كان المصريُّون يستعملون كثيرًا كلمتهم التي ترجمها القرآن بلفظ (ربّ) في المَلِك، جاء في قصَّة يوسف قوله: {أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} [يوسف: ٤١]، وقوله: {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: ٤٢]، وقوله للرسول: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ} [يوسف: ٥٠] والربُّ في هذه المواضع كلِّها بمعنى المَلِك، أي مَلِك مصر.
وأما قوله: «إن فرعون كان دهريًّا ينكر الصانع» فيه نظرٌ (¬٢).
فأما اعتقاده في نفسه؛ فقد قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا (١٠١) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا [٤٤٣] رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: ١٠١ - ١٠٢].
وهذا نصٌّ أن فرعون كان يعلم ربوبيَّة الله تعالى وأنه أنزل تلك الآيات بصائر، وهكذا كان قومه، قال تعالى لموسى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ
---------------
(¬١) في الأصل: (كلهم)، وهو سبق قلمٍ.
(¬٢) كذا في الأصل، والمؤلِّف قد أضاف (أمَّا) في أوَّل الجملة مؤخَّرًا، ولعلَّه نسي أن يضيف الفاء فيقول: (ففيه نظرٌ).