كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 2)
وفيه من حديث أبي هريرة: " .... فيَلْقَى العبدَ، فيقول: أي فُل (¬١)، ألم أكرمك وأُسَوِّدْك (¬٢) وأزوجك وأسخِّرْ لك الخيل والإبل وأَذَرْكَ تَرْأس (¬٣) وتَرْبَع (¬٤)؟ فيقول: بلى أي رب! فيقول: أفظننت أنك ملاقيَّ؟ فيقول: لا، [ز ١١] فيقول: فإني أنساك كما نسيتني"، ثم ذكر الثاني كذلك، ثم قال: "ثم يَلْقى الثالث فيقول له مثل ذلك، فيقول: يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصلَّيت وصمت وتصدَّقْت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول: هاهنا إذًا (¬٥)، قال: ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك، ويتفكَّر في نفسه: مَنْ ذا الذي يشهد عليَّ، فيُختم على فيه، ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي، فتنطق فخِذُه ولحمه وعظامه بعمله، وذلك لِيُعْذِرَ من نفسه (¬٦)، وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط الله عليه" (¬٧).
أقول: ظاهر الآيات في شهادة الرسل أنهم يشهدون على مَنْ أدركوه وبلَّغوه. ويؤيِّده ما أخبر الله تعالى به عن عيسى عليه السلام من قوله: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة: ١١٧].
ثم من الناس من يجحد شهادة الرسل، فيشهد لهم نبينا صلَّى الله عليه
---------------
(¬١) يا فلان.
(¬٢) أجْعَلْكَ سيّدًا على غيرك.
(¬٣) أَلَمْ أَدَعْكَ تكون رئيسًا على قومك.
(¬٤) أي تأخذ مِرْباعَهم وهو رُبْعُ الغنيمة.
(¬٥) إذا أثنيت على نفسك بما أثنيت فاثبُتْ هنا إذًا كي نُرِيَك أعمالك.
(¬٦) ليقطع الله عُذْرَه وتقوم الحجة على العبد بشهادة أعضائه عليه.
(¬٧) صحيح مسلمٍ، كتاب الزهد والرقائق، ٨/ ٢١٦، ح ٢٩٦٨. [المؤلف]