كتاب النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام (اسم الجزء: 2)

دليل على أن من سجد لله فقد بَرِئ من الكبر، ووطن نفسه على
الذل، ولم ينازع ربه في كبريائه وعظمته، ويؤيده ما قال قبل هذه
الاَية: (يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48) .
فكيف يجد التكبر مساغا فيمن صغره السجود، وذله لربه جل
وتعالى. ولا أحسب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إخبارا عن
ربه: " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري " إلا مصروفا إلى من يتكبر
عن السجود لربه، ويمتنع من الإقرار بوحدانيته، قال الله تبارك
وتعالى: (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)

الصفحة 58