كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 11 """"""
وقولهم : " إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر " يقال : إن بني ثعلبة ابن سعد في الجاهلية تراهنوا على الشمس والقمر ليلة أربع عشرة ، فقالت طائفة : تطلع الشمس والقمر يرى ، وقالت طائفة : بل يغيب قبل طلوعها ، فتراضوا برجل جعلوه بينهم ، فقال رجل منهم : إن قومي يبغون علي ، فقال العدل : إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر ، فذهبت مثلا : يضرب للأمر المشهور .
وقولهم : " إن كنت ريحاً فقد لاقيت إعصاراً " الإعصار : ريح شديدة تهب فيما بين السماء والأرض : يضرب للمدل بنفسه إذا صلى بمن هو أدهى منه وأشد .
وقولهم : " إنك خير من تفاريق العصا " قالوا : قالته غنية الأعرابية لابنها ، وكان عارما مع ضعفه ، فواثب يوما فتى فقطع أذنه فأخذت ديتها ، فزادت حسن حلٍ ثم واثب آخر فقطع شفته فأخذت الدية فذكرته في أرجوزتها فقالت :
أحلف بالمروة حقاً والصفا . . . إنك أجدى من تفاريق العصا
فقيل لأعرابي : ما تفاريق العصا ؟ فقال : العصا تقطع ساجورا والسواجير للكلاب والأسرى من الناس ثم تقطع عصا الساجور فتصير أوتادا ويقطع الوتد فيصير كل قطعة شظاظا وإن جعل لرأس الشظاظا كالفلكة صار للبختي مهارا وهو العود الذي يدخل في أنفه ، وإذا فرق المهار جاءت منه توادٍ وهي الخشبة التي تشد على خلف الناقة .
وقولهم : " إنه ليعلم من أين تؤكل الكتف " : يضرب للرجل الداهي ، قال بعضهم : لم تؤكل الكتف من أسفلها ؟ قال : لأنها تنقشر عن عظمها وتبقى المرقة مكانها ثابتة .
وقولهم : " إنك لا تجني من الشوك العنب " أي لا تجد عند ذى المنبت السوء جميلاً ، والمثل من قول أكثم قال : إذا ظلمت فاحذر الانتصار ، فان الظلم لا يكسبك إلا مثل فعلك .

الصفحة 11