كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 13 """"""
فقال بيهس : لكن بالأثلاث لحم لا يظلل ، فأرسلها مثلا ، ثم فارقهم وأتى أمه فأخبرها الخبر فقالت : ما جاء بك من بين إخوتك وأنت أخبثهم فقال : ما خيرك القوم فتختاري ، فأرسلها مثلا ، ثم أعطته ثياب إخوته ومتاعهم ، فقال : يا حبذا التراث ، لولا الذلة ، فأرسلها مثلا ، وأخذ يوما يبرم سكينا ، فقيل له : ما تصنع بها ؟ فقال : أقتل بها قتلة إخوتي ، فقيل له : إنك لأحمق ، فقال : يا يؤمنك من أحمق في يده سكين ، فأرسلها مثلا ، ثم إنه مر بنسوة من قومه يصلحن امرأة يردن أن يهدينها لبعض قتلة إخوته فكشف ثوبه عن استه وغطى به رأسه ، فقيل له : ما تصنع ؟ فقال :
البس لكل حالة لبوسها . . . إما نعيمها وإما بوسها وقولهم : " الصيف ضيعت اللبن " قال الأصمعي : معناه تركت الشيء في وقته ، وقال غيره : تركت الشيء وهو ممكن ، وقال أبو عبيدة : أول من قاله عمرو بن عدس ، وكان قد تزوج دختنوس بعد ما كبر ، فكان ذات يوم نائما في حجرها فجحف وسال لعابه فتأففته فانتبه وهي تتأفف منه ، فقال : أتحبين أن أطلقك ؟ قالت : نعم ، فطلقها ، وتزوجها فتى ضرير حسن الوجه ، ففجأتهم ذات يوم غارة والفتى نائم فجاءت دختنوس فأنبهته وقالت له : الخيل ، فجعل يقول : الخيل الخيل ، من الخوف حتى مات فرقا وسبيت دختنوس فبلغ عمرو الخبير فركب ولحقهم وقاتل حتى استنقذ جميع ما أخذوا واستنقذها فوضعها قدامه على السرج وردها إلى أهلها ، ثم اصابتهم سنة فبعث إليه تقول : نحتاج اللبن فبعث إليها بلقحة وقال : الصيف ضيعت اللبن .

الصفحة 13