كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 16 """"""
وقولهم : " أمكراً وأنت في الحديد " هذا المثل قاله عبد الملك بن مروان لعمرو .
ابن سعيد لما قبض عليه وكبله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن رأيت أن لا تفضحني بأن تخرجني للناس فتقتلني بحضرتهم فافعل ، وإنما أراد عمرو بهذه المقالة أن يخالفه عبد الملك فيخرجه فيمنعه منه أصحابه ، فقال : أنا أمية أمكرا وأنت في الحديد : يضرب لمن أراد أن يمكر وهو مقهور .
وقولهم : " أهون هالك عجوز في هام سنةٍ " : يضرب للشيء يستخف به وبهلاكه .
قال الشاعر : وأهون مفقود إذا الموت نابه . . . على المرء من أصحابه من تقنعا
وقولهم : " أوسعتهم سباً وأودوا بالإبل " أصله أن رجلا من العرب أغير على إبله فأخذت ، فلما تواروا صعد أكمةً وجعل يسبهم ثم رجع إلى قومه فسألوه عن إبله ، فقال هذا المثل .
ويقال : إن أول من قاله كعب بن زهير بن أبي سلمى ، وذلك أن الحارث بن ورقاء الصيداوي أغار على بني عبد الله بن غطفان واستاق إبل زهير وراعيه ، فقال زهير في ذلك قصيدته التي أولها
بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا . . . وزودوك اشتياقا أيةً سلكوا
وبعث بها إلى الحارث فلم يرد الإبل ، فهجاه ، فقال كعب ابنه : أوسعتهم سبا وأودوا بالإبل ، فذهبت مثلا : يضرب لمن لم يكن عنده إلا الكلام .
وقولهم : " أوردها سعدٌ وسعدٌ مشتمل " : هو سعد بن زيد مناة أخو مالك الذي يقال فيه : إنك ابل من مالك ، وذلك أن مالكاً تروج بامرأة وبني بها فأورد الإبل أخوه سعد ولم يحسن القيام عليها والرفق بها ، فقال مالك
أوردها سعدٌ وسعدٌ مشتمل . . . ما هكذا تورد يا سعد الإبل
فضرب مثلا لمن قصر في طلب الأمر .

الصفحة 16