كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 17 """"""
وقولهم : " إن الشقي وافد البراجم " قاله عمرو بن هند الملك . وذلك أن سويد بن ربيعة التميمي قتل أخاه سعد بن هند وهرب فنذر عمرو ليقتلن بأخيه مائة من بني تميم ، فسار إليهم بجمعه فلقيهم الخبر فتفرقوا في نواحي بلادهم فلم يجد إلا عجوزا كبيرة وهي حمراء بنت ضمرة ، فلما نظر إليها قال : إني لأحسبك أعجمية ، قالت : لا والذي أسأله أن يخفض جناحك ، ويهد عمادك ، ويضع وسادك ، ويسلبك بلادك ما أنا بأعجمية ، قال : فمن أنت ؟ قالت : أنا بنت ضمرة بن جابر ، ساد معدا كابرا عن كابر ، وأنا أخت ضمرة بن ضمرة ، قال : فمن زوجك ؟ قالت : هوذة ابن جرول ، قال : وأين هو الآن ؟ أما تعرفين مكانه ؟ قالت : لو كنت أعلم مكانه حال بيني وبينك ، فقال عمرو : أما والله لولا أني أخاف أن تلدي مثل أبيك وأخيك وزوجك لاستبقيتك ، فقالت : والله ما أدركت ثارا ، ولا محوت عارا ، مع كلام كثير كلمته به فأمر بإحراقها ، فلما نظرت إلى النار ، قالت : ألا فتًى مكان عجوز فذهبت مثلا ، ثم مكثت ساعة فلم يفدها أحد ، فقالت : هيهات صارت الفتيان حمماً ، فذهبت مثلا ثم ألقيت في النار ولبث عمرو عامة يومه لا يقدر على أحد ، حتى إذا كان آخر النهار أقبل راكب يسمى عمارا توضع به راحلته حتى أناخ إليه ، فقال له عمرو : من أنت ؟ قال : أنا رجل من البراجم ، قال : فما جاء بك إلينا ؟ قال : سطع الدخان وكنت طويت منذ أيام وظننته طعاما ، فقال عمرو : إن الشقي وافد البراجم ، فذهبت مثلا وأمر به فألقى في النار ، قيل : إنه أحرق مائة من بني تميم : تسعة وتسعين من بني دارم ، وواحدا من البراجم .
وقال بعضهم : ما بلغنا أنه أصاب من بني تميم غير وافد البراجم وإنما أحرق النساء والصبيان ، قال جرير
وأخزاكم عمرو كما قد خزيتم . . . وأدرك عمارا شقي البراجم

الصفحة 17