كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 318 """"""
ومنهم أبو العالية ، حكي أن امرأة حملت فحلفت إن ولدت غلاما لأشبعن أبا العالية خبيصا ، فولدت غلاما ، فأطعمته ، فأكل سبع جفان ، فقيل له : إنها حلفت أن تشبعك خبيصا ، فقال : والله لو علمت لما شبعت إلى الليل .
ومنهم أبو الحسن بن أبي بكر العلاف الشاعر دخل يوما على الوزير المهلبي ببغداد ، فأنفذ الوزير من أخذ حماره الذي كان يركبه من غلامه ، وأدخل المطبخ وذبح وطبخ لحمه بماء وملح ، وقدم بين يديه ، فأكله كله وهو يظن أنه لحم بقر ، فلما خرج طلب الحمار ، قيل له : قد أكلته ، وعوضه الوزير عنه ووصله ، فهذا كافٍ في أخبار الأكلة .
ذكر ما قيل في الجبن والفرار
ومن أقبح ما هجى به الرجل أن يكون جبانا فرارا ، وقد نهانا الله عز وجل عن الفرار ، فقال : " يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يؤمئذٍ دبره إلا متحرفا لقتالٍ أو متحيزاً إلى فئةٍ فقد باء بغضبٍ من الله ومأواه جهنم وبئس المصير " . وقال تعالى : " إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استنزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفورٌ حليم " .
وقالت عائشة رضي الله عنها : إن لله خلقا ، قلوبهم كقلوب الطير ، كلما خفقت الريح خفقت معها ، فأفٍّ للجبناء ، أفٍّ للجبناء .
وقال خالد بن الوليد عند موته : لقيت كذا وكذا زحفا ، وما في جسدي موضع إلا فيه طعنة برمح أو ضربة بسيف أو رمية بسهم ، وهأنذا أموت على فراشي حتف أنفي ، كما يموت العير ، فلا نامت أعين الجبناء .
وقيل كتب زياد إلى ابن عباس : أن صف لي الشجاعة والجبن والجود والبخل فكتب إليه : كتبت تسألني عن طبائع ركبت في الإنسان تركيب الجوارح ، اعلم أن