كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 322 """"""
وقال آخر : الحرب مقتلة للعباد ، مذهبة للطارف والتلاد .
وقيل لجبان : لم لا تقاتل ؟ فقال : عند النطاح يغلب الكبش الأجم .
وقالوا : الحياة أفضل من الموت ، والفرار في وقته ظفر .
وقالوا : الشجاع ملقى ، والجبان موقى . قال البديع الهمداني : ما ذاق هماً كالشجاع ولا خلا . . . بمسرةٍ كالعاجز المتواني
وقالوا : الفرار في وقته ، خير من الثبات في غير وقته .
وقالوا : السلم أزكى للمال ، وأبقى لأنفس الرجال .
وقالوا : الحمام في الإقدام ، والسلامة في الإحجام .
وقال المتوكل لأبي العيناء : إني لأفرق من لسانك ، فقال : يا أمير المؤمنين ، الكريم ذو فرق وإحجام ، واللئيم ذو وقاحة وإقدام .
وقيل لأعرابي : ألا تعرف القتال ؟ فإن الله قد أمرك به ، فقال : والله إني لأبغض الموت على فراشي في عافية ، فكيف أمضي إليه ركضا ، قال شاعر :
تمشي المنايا إلى قومٍ فأبغضها . . . فكيف أعدو إليها عاري الكفن
وقيل ليزيد : إن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " إذا رأيت شخصا بالليل ، فكن للإقدام عليه أولى منه عليك " . فقال : أخاف أن يكون قد سمع الحديث قبلي ، فأقع معه فيما أكره ، وإنما الهرب خير .
وسمع سليمان بن عبد الملك قارئا يقرأ : " قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً " . فقال : ذلك القليل نريد .
ولما فر أمية بن عبد الله بن خالد بن أسد يوم مرداء هجر بالبحرين من أبي