كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 323 """"""
فديك الخارجي إلى البصرة ، ودخل عليه أهلها ، فلم يدروا كيف يكلمونه ولا ما يلقونه به من القول ، أيهنئونه بالسلامة أم يعزونه بالفرار ، حتى دخل عبد الله ابن الأهتم ، فاستشرف الناس له ، ثم قالوا : ما عسى أن يقول لمنهزم ؟ فسلم ثم قال : مرحبا بالصابر المخذول ، الحمد لله الذي نظر لنا عليك ، ولم ينظر لك علينا ، فقد تعرضت للشهادة جهدك ، ولكن الله علم حاجة أهل الإسلام إليك فأبقاك لهم بخذلان من معك لك ، فقال أمية : ما وجدت أحدا أخبرني عن نفسي غيرك . وقال الحارث بن هشام وأحسن في اعتذاره عن الفرار :
الله يعلم ما تركت قتالهم . . . حتى علوا مهري بأشقر مزبد
وعلمت أني إن أقاتل واحدا . . . أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي
فصدفت عنهم والأحبة فيهم . . . طمعا لهم بعقاب يوم سرمد
وقال زفر بن الحارث وقد فر يوم مرج راهطٍ عن رفيقيه :
أيذهب يوم واحد إن أسأته . . . بصالح أيامي وحسن بلائيا
فلم تر مني زلةٌ قبل هذه . . . فراري وتركي صاحبي ورائيا
وهي أبيات نذكرها إن شاء الله في التاريخ ، ونظير ذلك قول عمرو بن معد يكرب من أبيات يخاطب بها أخته ريحانه ، وقد فر من بني عبس :
أجاعلةٌ أم النوير خزايةً . . . علي فراري إذ لقيت بني عبس
وليس يعاب المرء من جبن يومه . . . إذا عرفت منه الحماية بالأمس
وعكس هذا البيت عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي ، وكان قد فر يوم

الصفحة 323