كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 325 """"""
وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " الأحمق أبغض الخلق إلى الله ، لأنه حرمه أعز الأشياء عليه وهو العقل " . وقيل : أوحى الله تعالى إلى موسى ، أتدري لم رزقت الأحمق ؟ قال : لا يا رب ، قال : ليعلم العاقل أن طلب الرزق ليس بالاجتهاد .
وقال الشعبي : إذا أراد الله أن يزيل عن عبد نعمةً ، كان أول ما يعدمه عقله .
وقالوا : الحمق داءٌ دواؤه الموت . وقد بين الله تعالى لحبيبه من لم يعقل بقوله : " لينذر من كان حياً " قيل : عاقلا ، وبقوله : " لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير " .
وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال : أثنى قومٌ على رجل عند النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حتى بالغوا ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " كيف عقل الرجل ؟ " فقالوا : نخبرك عن اجتهاده في العبادة وأصناف الخير وتسألنا عن عقله فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إن الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر ، وترتفع العباد غدا في الدرجات على قدر عقولهم " .
ومن كلام لقمان لابنه : أن تكون أخرس عاقلا خيرٌ من أن تكون نطوقا جاهلا ، ولكل شيء دليل ، ودليل العقل النقل ، ودليل النقل الصمت ، وكفى بك جهلا أن تنهي الناس عن شيء وتركبه .
وقال عيسى عليه السلام : عالجت الأكمة والأبرص فأبرأتهما ، وعالجت الأحمق فأعياني ، قال شاعر :
لكل داءٍ دواءٌ يستطب به . . . إلا الحماقة أعيت من يداويها
وقال آخر :
وعلاج الأبدان أيسر خطبٍ . . . حين تعتل من علاج العقول
وقال آخر :
الحمق داءٌ ما له حيلةٌ . . . ترجى كبعد النجم من مسه
وقيل : إذا قيل لك إن فقيرا استغنى ، وغنياً افتقر ، وحيا مات ، أو ميتا عاش ، فصدق ، وإذا بلغك أن أحمق استفاد عقلا فلا تصدق .

الصفحة 325