كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 326 """"""
وقالوا : الأحمق لتمنى أمة أنها به مثكلة ، وتتمنى زوجه أنها منه أرملة ، ويتمنى جاره منه العزلة ، ورفيقه منه الوحشة ، وأخوه منه الفرقة .
وقال سهل بن هارون : وجدت مودة الجاهل ، وعداوة العاقل ، أسوةً في الخطر ، ووجدت الأنس بالجاهل ، والوحشة من العاقل ، سيين في العيب ، ووجدت غش العاقل أقل ضرراً من نصيحة الجاهل ، ووجدت ظن العاقل أوقع بالصواب من يقين الجاهل ، ووجدت العاقل أحفظ لما لم يستكتم من الجاهل لما استكتم .
وقال لقمان لابنه : لا تعاشر الأحمق وإن كان ذا جمال ، وانظر إلى السيف ما أحسن منظره وأقبح أثره .
وقال علي رضي الله عنه : قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل ، وقال : صديق الجاهل في تعب .
وقال آخر : لأنا للعاقل المدبر ، أرجى شيء من الأحمق المقبل ، وقال شاعر :
عدوك ذو العقل خيرٌ من ال . . . صديق لك الوامق الأحمق
والبيت المشهور السائر :
ولأن يعادي عاقلا خيرٌ له . . . من أن يكون له صديقٌ أحمق
وقيل : الحمق يسلب السلامة ، ويورث الندامة ، وقد ذموا من له أدب بلا عقل .
ووصف أعرابي رجلا فقال : هو ذو أدبٍ وافر ، وعقل نافر ، قال شاعر :
فهبك أخا الآداب أي فضيلةٍ . . . تكون لذي علمٍ وليس له عقل
ومن صفات الأحمق وعلاماته قيل : ما أعدمك من الأحمق فلا يعدمك منه كثرة الالتفات وسرعة الجواب ، ومن علاماته الثقة بكل أحد .
ويقال : إن الجاهل مولعٌ بحلاوة العاجل ، غير مبالٍ بالعواقب ، ولا معتبر بالمواعظ ، ليس يعجبه إلا ما ضره ، إن أصاب فعلى غير قصدٍ ، وإن أخطأ فهو الذي لا يحسن به غيره ، لا يستوحش من الإساءة ، ولا يفرح بالإحسان .

الصفحة 326