كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 327 """"""
وقالوا : ست خصال تعرف في الجاهل ، الغضب من غير شيء ، والكلام في غير نفع ، والفطنة في غير موضع ، ولا يعرف صديقه من عدوه ، وإفشاء السر ، والثقة بكل أحد .
وقالوا : غضب الجاهل في قوله ، وغضب العاقل في فعله ، والعاقل إذا تكلم بكلمةٍ أتبعها مثلا ، والأحمق إذا تكلم بكلمة أتبعها خلفا ، الأحمق إذا حدث ذهل ، وإذا تكلم عجل ، وإذا حمل على القبيح فعل .
وقال أبو يوسف : إثبات الحجة على الجاهل سهلٌ ، ولكن إقراره بها صعب .
وقال وهب بن منبه : كان يقال للأحمق إذا تكلم : فضحه حمقه ، وإذا سكت فضحه عيه ، وإذا عمل أفسد ، وإذا ترك أضاع ، لا علمه يعينه ، ولا علم غيره ينفعه ، تود أمه أنها ثكلته ، وتتمنى امرأته أنها عدمته ، ويتمنى جاره منه الوحدة ، وتأخذ جليسه منه الوحشة .
ويستدل على الأحمق بأشياء ، قالوا : من طالت قامته ، وصغرت هامته ، وانسدلت لحيته ، كان حقيقا على من يراه أن يقرئه عن عقله السلام . ويقال في التوراة : اللحية مخرجها من الدماغ ، فمن أفرط عليه طولها قل دماغه ، ومن قل دماغه قل عقله ، ومن قل عقله فهو أحمق .
وقالت أعرابية لقاض قضى عليها : صغر رأسك ، فبعد فهمك ، وانسدلت لحيتك ، فتكوسج عقلك ، وما رأيت ميتا يقضي بين حيين غيرك .

الصفحة 327