كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 328 """"""
وقال مسلمة بن عبد الملك لجلسائه : يعرف حمق الرجل في أربع ، طول لحيته ، وبشاعة كنيته ، وإفراط شهوته ، ونقش خاتمه ، فدخل عليه رجلٌ طويل اللحية ، فقال : أما هذا فقد أتاكم بواحدةٍ ، فانظروا أين هو من الثلاث ؟ فقيل له : ما كنيتك ؟ فقال : أبو الياقوت ، فقيل له : ما نقش خاتمك ؟ فقال : " وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد " قيل : فأي الطعام أحب إليك ؟ قال : الجلنجبين ، فقال مسلمة : فيه ما بعد كنيته ، مع طول لحيته ، مع نقش خاتمه ، شكٌ لمعتبر .
قال الشعبي : خطب الحجاج يوم جمعةٍ فأطال ، فقام إليه أعرابيٌ ، فقال له : إن الوقت لا ينتظرك وإن الرب لا يعذرك ، فأمر به فحبس ، فأتاه أهله يشفعون فيه وقالوا : إنه مجنونٌ ، فقال الحجاج : إن أقر بالجنون خليت سبيله ، فأتوه وسألوه ذلك ، فقال : لا والله ، لا أقول إن الله ابتلاني وقد عافاني ، فبلغ كلامه الحجاج ، فعظم في نفسه وأطلقه .
وقال الأصمعي : قلت لغلامٍ من أبناء العرب : أيسرك أن يكون لك مائة ألفٍ وأنت أحمق ؟ قال : لا والله ، قلت : ولم ؟ قال : أخاف أن يجني علي حمقي جنايةً ، فنذهب مني ، ويبقى حمقي .
والعرب تضرب المثل في الحمق بعجل بن لجيم ، ويزعمون أنه قيل له : إن لكل فرسٍ جوادٍ اسماً ، وإن فرسك هذا سابقٌ فسمه ، ففقأ عينه ، وقال : سميته الأعور ، وفيه يقول الشاعر :
رمتني بنو عجل بداء أبيهم . . . وهل أحدٌ في الناس أحمق من عجل
أليس أبوهم عار عين جواده . . . فسارت به الأمثال في الناس بالجهل
ويضربون المثل في الحمق بهبنقة القيسي ، وهو يزيد بن ثروان ، ويكنى أبا