كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 330 """"""
وقالوا : لو لم يكن من فضيلة الجهل ، غير الإقدام ، وورود الحمام ، إذ هما من الشجاعة والبسالة ، وسبب تحصيل المهابة والجلالة ، لكفاه ، قال أبو هلال العسكري : سألني بعض الأدباء أي الشعراء أشد حمقا ، قلت الذي يقول :
أتيه على إنس البلاد وجنها . . . ولو لم أجد خلقا لتهت على نفسي
أتيه فلا أدري من التيه من أنا . . . سوى ما يقول الناس فيّ وفي جنسي
فإن صدقوا أني من الإنس مثلهم . . . فما فيّ عيبٌ غير أني من الإنس
ذكر ما قيل في الكذب
قال الله عز وجل : " ويلٌ لكل أفاكٍ أثيم " . وقال : " إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون " . وقال في الكاذبين : " لهم عذابٌ أليمٌ بما كانوا يكذبون " . وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار " . وقال ( صلى الله عليه وسلم ) : " الكذب مجانب الإيمان " . وقال ( صلى الله عليه وسلم ) : " ثلاثٌ من كن فيه فهو منافقٌ ، وإن صلى وصام وزعم أنه مسلمٌ ، من إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان " . وقال ( صلى الله عليه وسلم ) : " لا يجوز الكذب في جد ولا هزل " . وقال : " لا يكون المؤمن كذابا " .
وقالت الحكماء : ليس لكاذبٍ مروءةٌ .
وقالوا : من عرف بالكذب لم يحسن صدقه .
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه : خلف الوعد ثلث النفاق .
وقال بعض الحكماء : الصدق منجيك وإن خفته ، والكذب مرديك وإن أمنته . قال عمرو بن العلاء القاريء : ساد عتبة بن ربيعة وكان مملقا ، وساد أبو جهل وكان حدثاً ، وساد أبو سفيان وكان بخالا ، وساد عامر بن الطفيل وكان عاهرا ، وساد كليب بن وائل وكان ظلوما ، وساد عيينة وكان محمقاً ، ولم يسد قط كذاب ، فصلح السؤدد مع الفقر والحداثة والبخل والعهر والظلم والحمق ، ولم يصلح مع الكذب ، لأن الكذب يعم الأخلاق كلها بالفساد .

الصفحة 330