كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 331 """"""
وقال يحيى بن خالد : رأيت شريب خمر نزع ولصا أقلع ، وصاحب فواحش رجع ، ولم أر كذابا رجع .
ويقال : الكذب مفتاح كل كبيرة ، والخمر جماع كل شر .
وقيل : لا تأمنن من يكذب لك أن يكذب عليك .
وقيل : الكذب والنفاق والحسد أثافي الذل .
وقال ابن عباس : حقيقٌ على الله أن لا يرفع للكاذب درجةً ، ولا يثبت له حجةً ، وقال سليمان بن سعدٍ : لو صحبني رجلٌ وقال : لا تشترط على إلا شرطا واحدا لقلت : لا تكذبني .
وقال أبو حيان التوحيدي : الكذب شعارٌ خلق ، وموردٌ رنق ، وأدبٌ سيء ، وعادةٌ فاحشةٌ ، وقل من استرسل فيه إلا ألفه ، وقل من ألفه إلا أتلفه .
وقال غيره : الكذب أوضع الرذائل خطة ، وأجمعها للمذمة والمحطة ، وأكبرها ذلاً في الدنيا ، وأكثرها خزيا في الآخرة ، وهو من أعظم علامات النفاق ، وأقوى الدلائل على دناءة الأخلاق والأعراق ، لا يؤتمن حامله على حال ، ولا يصدق إذا قال .
وقيل : لكل شيء آفةٌ ، والكذب آفة النطق .
وقال بعض الكرماء : لو لم أدع الكذب تأثما ، لتركته تكرما .
وقال أرسطاطاليس : فضل الناطق على الأخرس بالنطق ، وزين النطق الصدق ، فإذا كان الناطق كاذبا ، فالأخرس خيرٌ منه .
وقال بعض الحكماء لولده : يا بني إياك والكذب ، فإنه يزري بقائله ، وإن كان شريفا في أصله ، ويذله وإن كان عزيزا في أهله .