كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 334 """"""
ذكر ما قيل الغدر والخيانة
قال الله عز وجل : " وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين " .
وقال تعالى : " والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار " .
وروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " من أمن رجلا ثم قتله وجبت له النار وإن كان المقتول كافرا " . وعنه ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " إذا جمع الله الأولين والآخرين رفع لكل غادرٍ لواءٌ وقيل : هذه غدرة فلان " .
وقالوا : من نقض عهده ، ومنع رفده ، فلا خير عنده .
وقالوا : الغالب بالغدر مغلول ، والناكث للعهد ممقوت مخذول .
وقالوا : من علامات النفاق ، نقض العهد والميثاق .
وقالوا : لا عذر في الغدر ، والعذر يصلح في كل المواطن ، ولا عذر لغادر ولا خائن .
وفي بعض الكتب المنزلة : إن مما تعجل عقوبته من الذنوب ولا يؤخر : الإحسان يكفر ، والذمة تخفر . قال شاعر :
أخلق بمن رضي الخيانة شيمةً . . . أن لا يرى إلا صريع حوادث
ما زالت الأرزاء تلحق بؤسها . . . أبدا بغادر ذمةٍ أو ناكث
وقالوا : الغدر ضامن العثرة ، قاطع ليد النصرة .
ويقال : من تعدى على جاره ، دل على لؤم نجاره .
وذكر أن عيسى صلوات الله عليه مر برجل وهو يطارد حية وهي تقول له : والله لئن لم تذهب عني ، لأنفخن عليك نفخة أقطعك بها قطعا ، فمضى عيسى عليه السلام في شأنه ، ثم عاد فرأى الحية في جونة الرجل محبوسة ، فقال لها : ويحك أين ما كنت تقولين ؟ قالت : يا روح الله ، إنه حلف لي وغدر ، وإن سم غدره أقتل له من سمي .

الصفحة 334