كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 335 """"""
ذكر أخبار أهل الغدر وغدراتهم المشهورة
أعرف الناس في الغدر آل الأشعث بن قيس بن معد يكرب ، وقد عدت لهم غدرات ، فمنها : غدر قيس بن معد يكرب بمراد ، وكان بينهم عهد أن لا يغزوهم إلى انقضاء شهر رجب ، فوافاهم قبل الأمد بكندة ، وجعل يحمل عليهم ويقول :
أقسمت لا أنزل حتى يهزموا . . . أنا ابن معد يكربٍ فاستسلموا
فارس هيجا ورئيسٌ مصدم
فقتل قيس بن معد يكرب وارتد الأشعث عن الإسلام . وغدر الأشعث ببني الحارث بن كعب ، وكان قد غزاهم فأسروه ، ففدى نفسه بمائتي بعير ، فأعطاهم مائة وبقي عليه مائة ، فلم يؤدها ، وجاء الإسلام فهدم ما كان في الجاهلية .
وغدر محمد بن الأشعث بن قيس بمسلم بن عقيل بن أبي طالب ، وغدر أيضا بأهل طبرستان وكان عبيد الله بن زياد ولاه إياها ، فصالح أهلها على أن لا يدخلها ورحل عنهم ، ثم عاد إليهم غادرا ، فأخذوا عليه الشعاب ، وقتلوا ابنه أبا بكر .
وغدر عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بالحجاج لما ولاه خراسان ، وخرج عليه وادعى الخلافة ، وكان بينهم من الوقائع ما نذكره في التاريخ في أخبار الحجاج إن شاء الله تعالى ، وكانت الدائرة على عبد الرحمن ، وكلهم ورثوا الغدر عن معد يكرب ، فإنه غدر مهرة ، وكان بينه وبينهم عهد إلى أجل ، فغزاهم ناقضا لعهدهم ، فقتلوه وبقروا بطنه وملأوه بالحصا . وغدرت ابنة الضيزن بن معاوية بأبيها صاحب الحصن ودلت سابور على طريق فتحه ، ففتحه وقتل أباها وتزوجها ، ثم قتلها . وقد ذكرنا ذلك في الجزء الأول من هذا الكتاب في المباني . ومن ذلك ما فعله النعمان بسنمار ، وقد ذكرناه أيضا في خبر بناء الخورنق .